فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

ثم رغب سبحانه في الصبر والعفو ، فقال : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ } أي صبر على الأذى ، وغفر لمن ظلمه ، ولم ينتصر ، والكلام في هذه اللام ، ومن كالكلام في ولمن انتصر { إِنَّ ذلك } الصبر والمغفرة { لَمِنْ عَزْمِ الأمور } أي أن ذلك منه ، فحذف لظهوره ، كما في قولهم :

* السمن منوان بدرهم *

قال مقاتل : من الأمور التي أمر الله بها . وقال الزجاج : الصابر يؤتى بصبره ثواباً ، فالرغبة في الثواب أتم عزماً . قال ابن زيد : إن هذا كله منسوخ بالجهاد ، وأنه خاصّ بالمشركين . وقال قتادة : إنه عام ، وهو ظاهر النظم القرآني { وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِن وَلِىّ مّن بَعْدِهِ } أي فماله من أحد يلي هدايته وينصره ، وظاهر الآية العموم . وقيل هي خاصة بمن أعرض عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يعمل بما دعاه إليه من الإيمان بالله ، والعمل بما شرعه ، والأوّل أولى .

/خ43