البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

{ ولمن صبر } : أي على الظلم والأذى ، { وغفر } ، ولم ينتصر .

واللام في ولمن يجوز أن تكون اللام الموطئة القسم المحذوف ، ومن شرطية ، وجواب القسم قوله : { إن ذلك } ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه .

ويجوز أن تكون اللام لام الابتداء ، ومن موصولة مبتدأ ، والجملة المؤكدة بأن في موضع الخبر .

وقال الحوفي : من رفع بالابتداء وأضمر الخبر ، وجواب الشرط إن وما تعلقت به على حذف الفاء ، كما قال الشاعر :

من يفعل الحسنات الله يشكرها . . .

أي : فالله يشكرها .

انتهى ، وهذا ليس بجيد ، لأن حذف الفاء مخصوص بالشعر عند سيبويه .

والإشارة بذلك إلى ما يفهم من مصدر صبر وغفر والعائد على الموصول المبتدأ من الخبر محذوف ، أي إن ذلك منه لدلالة المعنى عليه : { لمن عزم الأمور } ، إن كان ذلك إشارة إلى المصدر المفهوم من قوله : { ولمن صبر وغفر } ، لم يكن في عزم الأمور حذف ، وإن كان ذلك إشارة إلى المبتدأ ، كان هو الرابط ، ولا يحتاج إلى تقدير منه ، وكان في { عزم الأمور } ، أي أنه لمن ذوي عزم الأمور .

وسب رجل آخر في مجلس الحسن ، فكان المسبوب يكظم ويعرق ويمسح العرق ، ثم قام فتلا الآية ، فقال الحسن : عقلها والله وفهمها ، لم هذه ضيعها الجاهلون .

والجملة من قوله : { إنما السبيل } اعتراض بين قوله : { ولمن انتصر } ، وقوله : { ولمن صبر } .