{ فَتَعَالَى اللَّهُ } أي : تعاظم وانتفع عن هذا الظن الباطل ، الذي يرجع إلى القدح في حكمته . { الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } فكونه ملكا للخلق كلهم حقا ، في صدقه ، ووعده ، ووعيده ، مألوها معبودا ، لما له من الكمال { رَبُّ الْعَرْشِ الكريم } فما دونه من باب أولى ، يمنع أن يخلقكم عبثا .
ثم نزه- سبحانه - ذاته عن أن يكون قد خلقهم عبثا فقال : { فَتَعَالَى الله الملك الحق .
أى : فتعاظم وتقدس عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله ، الله الملك الحق ، فهو - عز وجل - منزه عن أن يخلق الناس بدون حكمة أو غرض صحيح .
{ لاَ إله إِلاَّ هُوَ } فإن كل ما عداه مخلقو له ، وهو - سبحانه - { رَبُّ العرش الكريم } .
وتنتهي سورة الإيمان بتقرير القاعدة الأولى للإيمان . . التوحيد . . وإعلان الخسارة الكبرى لمن يشركون بالله ، في مقابل الفلاح في أول السورة للمؤمنين . وبالتوجه إلى الله في طلب الرحمة والغفران وهو أرحم الراحمين :
فتعالى الله الملك الحق ، لا إله إلا هو رب العرش الكريم . ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه ، إنه لا يفلح الكافرون . وقل : رب اغفر وارحم أنت خير الراحمين . .
هذا التعقيب يجيء بعد مشهد القيامة السابق ؛ وبعد ما حوته السورة قبل هذا المشهد من جدل وحجج ودلائل وبينات . . يجيء نتيجة طبيعية منطقية لكل محتويات السورة . وهو يشهد بتنزيه الله - سبحانه - عما يقولون ويصفون . ويشهد بأنه الملك الحق ، والمسيطر الحق ، الذي لا إله إلا هو . صاحب السسلطان والسيطرة والاستعلاء : ( رب العرش الكريم ) .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَتَعَالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } .
يقول تعالى ذكره : فتعالى الله الملك الحقّ عما يصفه به هؤلاء المشركون من أن له شريكا ، وعما يضيفون إليه من اتخاذ البنات . لا إلَهَ إلاّ هُوَ يقول : لا معبود تنبغي له العبودة إلا الله الملك الحقّ ربّ العَرْشِ الكَرِيمِ والربّ : مرفوع بالردّ على الحقّ ، ومعنى الكلام : فتعالى الله الملك الحقّ ، ربّ العرش الكريم ، لا إله إلا هو .
{ فتعالى الله الملك الحق } الذي يحق له الملك مطلقا فإن من عداه مملوك بالذات مالك بالعرض من وجه دون وجه وفي حال دون حال . { لا إله إلا هو } فإن ما عداه عبيد له . { رب العرش الكريم } الذي يحيط بالأجرام وينزل منه محكمات الأقضية والأحكام ، ولذلك وصفه بالكرم أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين . وقرئ بالرفع على أنه صفة الرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.