المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

107- وفديناه بمذبوح عظيم القدر لكونه بأمر الله تعالى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

فلما قدّم حب اللّه ، وآثره على هواه ، وعزم على ذبحه ، وزال ما في القلب من المزاحم ، بقي الذبح لا فائدة فيه ، فلهذا قال : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } أي : صار بدله ذبح من الغنم عظيم ، ذبحه إبراهيم ، فكان عظيما من جهة أنه كان فداء لإسماعيل ، ومن جهة أنه من جملة العبادات الجليلة ، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

ثم بين - سبحانه - مظاهر فضله على هذين النبيين الكريمين فقال : { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } والذبح بمعنى المذبوح فهو مصدر بمعنى اسم المفعول كالطحن بمعنى المطحون .

أى : وفدينا إسماعيل - عليه السلام - بمذبوح عظيم فى هيئته ، وفى قدره ، لأنه من عندنا ، وليس من عند غيرنا .

قيل : افتداه الله - تعالى - بكبش أبيض ، أقرن ، عظيم القدر .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاَخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ } .

وقوله : وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ يقول : وفدينا إسحاق بذبح عظيم ، والفدية : الجزاء ، يقول : جزيناه بأن جعلنا مكان ذبحه ذبح كبش عظيم ، وأنقذناه من الذبح .

واختلف أهل التأويل في المفديّ من الذبح من ابني إبراهيم ، فقال بعضهم : هو إسحاق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن مبارك ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : هو إسحاق .

حدثني الحسين بن يزيد بن إسحاق ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن داود ، بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الذي أُمِر بذبحه إبراهيم هو إسحاق .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : هو إسحاق .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس : الذبيح إسحاق .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن عليّ بن زيد بن جُدْعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره ، قال : «هو إسحاق » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، قال : افتخر رجل عند ابن مسعود ، فقال : أنا فلان ابن فلان ابن الأشياخ الكرام ، فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا إبراهيم بن المختار ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن العلاء بن حارثة الثقفي ، عن أبي هريرة ، عن كعب في قوله : وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : من ابنه إسحاق .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا زكريا وشعبة ، عن ابن إسحاق ، عن مسروق ، في قوله : وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : هو إسحاق .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عبيد بن عمير ، قال : هو إسحاق .

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عمير قال : قال موسى : يا ربّ يقولون يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فبم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا قطّ إلا اختارني عليه ، وإن إسحاق جاد لي بالذبح ، وهو بغير ذلك أجود ، وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظنّ .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، قال : قال موسى : أي ربّ بم أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما أعطيتهم ؟ فذكر معنى حديث عمرو بن عليّ .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن أبي سنان الشيبانيّ ، عن ابن أبي الهذيل ، قال : الذبيح هو إسحاق .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخربني يونس ، عن ابن شهاب أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن حارثة الثقفي ، أخبره أن كعبا قال لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيم النبيّ ؟ قال أبو هريرة : بلى ، قال كعب : لما رأى إبراهيمُ ذبحَ إسحاق ، قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفِتن أحدا منهم أبدا ، فتمثل الشيطان لهم رجلاً يعرفونه ، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارَة امرأة إبراهيم ، فقال لها : أي أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق ، قالت سارَة : غدا لبعض حاجته ، قال الشيطان : لا والله ما لذلك غدا به ، قالت سارَة : فلم غدا به ؟ قال : غدا به ليذبحه قالت سارَة : ليس من ذلك شيء ، لم يكن ليذبح ابنه قال الشيطان : بلى والله قالت سارَة : فلِمَ يذبحه ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك قالت سارَة : فهذا أحسن بأن يطيع ربه إن كان أمره بذلك . فخرج الشيطان من عند سارَة حتى أدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه ، فقال : أين أصبح أبوك غاديا بك ؟ قال : غدا بي لبعض حاجته ، قال الشيطان : لا والله ما غدا بك لبعض حاجته ، ولكن غدا بك ليذبحك ، قال إسحاق : ما كان أبي ليذبحني قال : بلى قال : لِمَ ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك قال إسحاق : فوالله لئن أمره بذلك ليطيعنّه ، قال : فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم ، فقال : أين أصبحت غاديا بابنك ؟ قال : غدوت به لبعض حاجتي ، قال : أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه ، قال : لمَ أذبحه ؟ قال : زعمتَ أن ربك أمرك بذلك قال : الله فوالله لئن كان أمرني بذلك ربي لأفعلنّ قال : فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسَلّم إسحاق ، أعفاه الله وفداه بذبح عظيم ، قال إبراهيم لإسحاق : قم أي بنيّ ، فإن الله قد أعفاك وأوحى الله إلى إسحاق : إني قد أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها قال إسحاق : اللهمّ إني أدعوك أن تستجيب لي ، أيما عبد لقيك من الأوّلين والاَخرين لا يُشرك بك شيئا ، فأدخله الجنة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة الثقفي ، حليف بني زهرة ، عن أبي هريرة ، عن كعب الأحبار أن الذي أُمِر إبراهيم بذبحه من ابنيه إسحاق ، وأن الله لما فرّج له ولابنه من البلاء العظيم الذي كان فيه ، قال الله لإسحاق : إني قد أعطيتك بصبرك لأمري دعوة أعطيك فيها ما سألت ، فسلني ، قال : ربّ أسألك أن لا تعذّب عبدا من عبادك لقيك وهو يؤمن بك ، فكانت تلك مسألته التي سأل .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن ابن سابط ، قال : هو إسحاق .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا سفيان بن عُقْبة ، عن حمزة الزيات ، عن أبي ميسرة ، قال : قال يوسف للملِك في وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا والله يوسف بن يعقوب نبيّ الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله .

قال : ثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهُذَيل ، قال : قال يوسف للملك ، فذكر نحوه .

وقال آخرون : الذي فُدِي بالذّبح العظيم من بني إبراهيم : إسماعيل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قالا : حدثنا يحيى بن يمان ، عن إسرائيل ، عن ثور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : الذبيح : إسماعيل .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سفيان ، قال : ثني بيان ، عن الشعبيّ ، عن ابن عباس وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : إسماعيل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا أبو حمزة ، عن محمد بن ميمون السكريّ ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، قال : إن الذي أُمر بذبحه إبراهيم إسماعيل .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن عليّ بن زيد ، عن عمار ، مولى بني هاشم ، أو عن يوسف بن مِهْران ، عن ابن عباس ، قال : هو إسماعيل ، يعني وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا داود ، عن الشعبيّ ، قال : قال ابن عباس : هو إسماعيل .

وحدثني به يعقوب مرّة أخرى ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : سئل داود بن أبي هند : أيّ ابني إبراهيم الذي أُمر بذبحه ؟ فزمع أن الشعبيّ قال : قال ابن عباس : هو إسماعيل .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن بيان ، عن الشعبي ، عن ابن عباس أنه قال في الذي فداه الله بذبح عظيم قال : هو إسماعيل .

حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلِيَة ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قوله : وَفدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيم قال : هو إسماعيل .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمر بن قيس ، عن عطاء بن أبي رَباح ، عن عبد الله بن عباس أنه قال : المَفْدِيّ إسماعيل ، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود .

حدثنا محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن مبارك ، عن عليّ بن زيد ، عن يوسف بن مِهْران ، عن ابن عباس : الذي فداه الله هو إسماعيل .

حدثنا ابن سنان القزّاز ، قال : حدثنا حجاج بن حماد ، عن أبي عاصم الغَنَويّ ، عن أبي الطفيل ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عامر ، قال : الذي أراد إبراهيم ذبحه : إسماعيل .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عامر أنه قال في هذه الاَية وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : هو إسماعيل ، قال : وكان قَرْنَا الكبش مَنُوطين بالكعبة .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن الشعبيّ ، قال : الذبيح إسماعيل .

قال : ثنا ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن الشعبي ، قال : رأيت قرني الكبش في الكعبة .

قال : ثنا ابن يمان ، عن مبارك بن فضالة ، عن عليّ بن زيد بن جُدْعان ، عن يوسف بن مِهْران ، قال : هو إسماعيل .

قال : ثنا ابن يمان ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : هو إسماعيل .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : هو إسماعيل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن كعب القُرظِي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من بنيه إسماعيل ، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله في قصة الخبر عن إبراهيم وما أُمر به من ذبح ابنه إسماعيل ، وذلك أن الله يقول ، حين فرغ من قصة المذبوح من إبراهيم ، قال : وَبَشّرْناهُ بإسْحاقَ نَبِيّا مِنَ الصّالِحينَ يقول : بشّرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، يقول : بابن وابن ابن ، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الله الموعود ما وعده الله ، وما الذي أُمِر بذبحه إلا إسماعيل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري أنه كان لا يشكّ في ذلك أن الذي أُمِر بذبحه من ابني إبراهيم : إسماعيل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : قال محمد بن إسحاق : سمعت محمد بن كعب القُرِظيّ يقول ذلك كثيرا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، عن بريدة بن سفيان بن فَرْوة الأسلمي عن محمد بن كعب الْقُرِظيّ ، أنه حدثهم أنه ذَكَر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة ، إذ كان معه بالشام فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما هو ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا ، فأسلم فحسُن إسلامه ، وكان يرى أنه من علماء يهود ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك ، فقال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز ، فقال له عمر : أيّ ابني إبراهيم أُمِر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسُدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق ، لأن إسحاق أبوهم ، فالله أعلم أيهما كان ، كلّ قد كان طاهرا طيبا مطيعا لربه .

حدثني محمد بن عمار الرازي ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، قال : حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابيّ ، عن عبيد بن محمد العُتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان ، عن أبيه ، قال : ثني عبد الله بن سعيد ، عن الصّنابحي ، قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان ، فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق ، فقال : على الخبير سقطتم : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله عُدْ عليّ مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك عليه الصلاة والسلام فقلنا له : يا أمير المؤمنين ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب لما أُمِر بحفْر زمزم ، نذر الله لئن سَهُل عليه أمرها ليذبحنّ أحد ولده ، قال : فخرج السهم على عبد الله ، فمنعه أخواله ، وقالوا : افْدِ ابنك بمئة من الإبل ، ففداه بمئة من الإبل ، وإسماعيل الثاني .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : الذي فُدِيَ به إسماعيل ، ويعني تعالى ذكره الكبش الذي فُدِيَ به إسحاق ، والعرب تقول لكلّ ما أُعِدّ للذبح ذِبْح ، وأما الذّبح بفتح الذال فهو الفعل .

قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب في المفْدِيّ من ابني إبراهيم خليل الرحمن على ظاهر التنزيل قول من قال : هو إسحاق ، لأن الله قال : وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ فذكر أنه فَدَى الغلامَ الحليمَ الذي بُشّر به إبراهيم حين سأله أن يهب له ولدا صالحا من الصالحين ، فقال : رَبّ هَبْ لي مِنَ الصّالِحِينَ فإذ كان المفدِيّ بالذبح من ابنيه هو المبشّر به ، وكان الله تبارك اسمه قد بين في كتابه أن الذي بُشّر به هو إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، فقال جلّ ثناؤه : فَبَشّرْناهُ بإسَحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسحَاقَ يَعْقُوبَ وكان في كل موضع من القرآن ذكر تبشيره إياه بولد ، فإنما هو معنّى به إسحاق ، كان بيّنا أن تبشيره إياه بقوله : فَبَشّرْناهُ بغُلامٍ حَلِيمٍ في هذا الموضع نحو سائر أخباره في غيره من آيات القرآن .

وبعد : فإن الله أخبر جلّ ثناؤه في هذه الاَية عن خليله أن بشّره بالغلام الحليم عن مسألته إياه أن يهب له من الصالحين ، ومعلوم أنه لم يسأله ذلك إلا في حال لم يكن له فيه ولد من الصالحين ، لأنه لم يكن له من ابنيه إلا إمام الصالحين ، وغير موهوم منه أن يكون سأل ربه في هبة ما قد كان أعطاه ووهبه له . فإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن الذي ذكر تعالى ذكره في هذا الموضع هو الذي ذكر في سائر القرآن أنه بشّره به وذلك لا شك أنه إسحاق ، إذ كان المفديّ هو المبشّر به . وأما الذي اعتلّ به من اعتلّ في أنه إسماعيل ، أن الله قد كان وعد إبراهيم أن يكون له من إسحاق ابن ابن ، فلم يكن جائزا أن يأمره بذبحه مع الوعد الذي قد تقدم فإن الله إنما أمره بذبحه بعد أن بلغ معه السعي ، وتلك حال غير ممكن أن يكون قد وُلد لإسحاق فيها أولاد ، فكيف الواحد ؟ وأما اعتلال من اعتل بأن الله أتبع قصة المفديّ من ولد إبراهيم بقوله : وَبَشّرْناهُ بإسحَاقَ نَبِيّا ولو كان المفديّ هو إسحاق لم يبشّر به بعد ، وقد ولد ، وبلغ معه السعي ، فإن البشارة بنبوّه إسحاق من الله فيما جاءت به الأخبار جاءت إبراهيم وإسحاق بعد أن فُدِي تكرمة من الله له على صبره لأمر ربه فيما امتحنه به من الذبح ، وقد تقدمت الرواية قبلُ عمن قال ذلك . وأما اعتلال من اعتلّ بأن قرن الكبش كان معلقا في الكعبة فغير مستحيل أن يكون حُمِل من الشام إلى مكة . وقد رُوي عن جماعة من أهل العلم أن إبراهيم إنما أُمِر بذبح ابنه إسحاق بالشام ، وبها أراد ذبحه .

واختلف أهل العلم في الذّبح الذي فُدِي به إسحاق ، فقال بعضهم : كان كبشا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن عليّ وَفَديناهُ بِذِبْحِ عَظِيمٍ قال : كبش أبيض أقرن أعين مربوط بسَمُرَة في ثَبِير .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : كبش عبيد بن عمير : ذُبِح بالمَقام ، وقال مجاهد : ذبح بمنىً في المَنْحَر .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن خثيم ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الكبش الذي قرّبه ابن آدم فتقبل منه .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا سيار ، عن عكرمة ، أن ابن عباس كان أفتى الذي جَعَلَ عليه أن ينحر نفسه ، فأمره بمئة من الإبل ، قال : فقال ابن عباس بعد ذلك : لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا ، فإن الله قال في كتابه : وَفَدَيْناهُ بذِبْحٍ عَظِيمٍ .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : ذِبْح كبش .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَفَدَيْناهُ بِذِبْحَ عَظِيمٍ قال : قال ابن عباس : التفتَ فإذا كبش ، فأخذه فذبحه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : كان الكبش الذي ذبحه إبراهيم رعى في الجنة أربعين سنة ، وكان كبشا أملح ، صوفه مثل العِهْنِ الأحمر .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : بكبش .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا ليث ، قال : قال مجاهد : الذبح العظيم : شاة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : بكبش .

وحدثنا الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا شريك ، عن ليث ، عن مجاهد وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : الذّبح : الكبش .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : التفت ، يعني إبراهيم ، فإذا بكبش ، فأخذوه وخلّى عن ابنه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الذّبح العظيم : الكبش الذي فَدَى الله به إسحاق .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، عن قتادة بن دِعامة ، عن جعفر بن إياس ، عن عبد الله بن العباس ، في قوله : وَفَدَيْناهُ بِذبْحٍ عَظِيمٍ قال : خرج عليه كبش من الجنة قد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا ، فأرسل إبراهيم ابنه واتبع الكبش ، فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرمى بسبع حصيات ، فأفلته عنده ، فجاء الجمرة الوسطى ، فأخرجه عندها ، فرماه بسبع حصيات ، ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى ، فرماه بسبع حصيات ، فأخرجه عندها ، ثم أخذه فأتى به المنحَر من مِنَى ، فذبحه فوالذي نفس ابن عباس بيده ، لقد كان أوّل الإسلام ، وإن رأس الكبش لمعلّق بقرنيه عند مِيزاب الكعبة قد حُشّ ، يعني يبس .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال ابن إسحاق : ويزعم أهل الكتاب الأول وكثير من العلماء أن ذبيحة إبراهيم التي فدى بها ابنه كبش أملح أقرن أعين .

حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : بكبش .

وقال آخرون : كان الذبح وَعِلاً . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن رجل ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : كان وَعلاً .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما فُدِي إسماعيل إلا بتيس من الأرويّ أهبط عليه من ثبير .

واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل للذّبح الذي فدى به إسحاق عظيم ، فقال بعضهم : قيل ذلك كذلك ، لأن كان رَعَى في الجنة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن عبد الله بن عيسى ، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال : رعى في الجنة أربعين خريفا .

وقال آخرون : قيل له عظيم ، لأنه كان ذِبْحا متقبّلاً . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، عَظِيمٍ قال : متقبّل .

حدثنا الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا شريك ، عن ليث ، عن مجاهد في وَفَدَيْناهُ بِذبْحٍ عَظِيمٍ قال : العظيم : المتقبل .

وقال آخرون : قيل له عظيم ، لأنه ذِبْحٌ ذُبِحَ بالحقّ ، وذلك ذبحه بدين إبراهيم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما يقول الله وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ لذبيحته التي ذبح فقط ، ولكنه الذّبح على دينه ، فتلك السّنة إلى يوم القيامة ، فاعلموا أن الذبيحة تدفع مِيتة السّوء ، فضحّوا عباد الله .

قال أبو جعفر : ولا قول في ذلك أصحّ مما قال الله جلّ ثناؤه ، وهو أن يقال : فداه الله بذِبح عظيم ، وذلك أن الله عمّ وصفه إياه بالعظم دون تخصيصه ، فهو كما عمه به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

{ وفديناه بذبح } بما يذبح بدله فيتم به الفعل . { عظيم } عظيم الجثة سمين ، أو عظيم القدر لأنه يفدي به الله نبيا ابن نبي وأي نبي من نسله سيد المرسلين . قيل كان كبشا من الجنة . وقيل وعلا أهبط عليه من ثبير . وروي أنه هرب منه عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى أخذه فصارت سنة ، والفادي على الحقيقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وإنما قال وفديناه لأن الله المعطي له والآمر به على التجوز في الفداء أو الإسناد ، واستدل به الحنفية على أن من نذر ذبح ولده لزمه ذبح شاة وليس فيه ما يدل عليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

والضمير في { فديناه } عائد على الذبح ، و «الذبح » اسم لما يذبح ووصفه بالعظم لأنه متقبل يقيناً قاله مجاهد ، وقال عمر بن عبيد : «الذبح » الكبش و «العظيم » لجري السنة ، وكونه ديناً باقياً آخر الدهر ، وقال الحسن بن الفضل : عظم لأنه كان من عند الله ، وقال أبو بكر الوراق : لأنه لم يكن عن نسل بل عن التكوين ، وروي عن ابن عباس وعن سعيد بن جبير : أن كونه عظيماً هو أنه من كباش الجنة ، رعى فيها أربعين خريفاً ، وقال ابن عباس : هو الكبش الذي قرب ولد آدم{[9885]} ، وقال ابن عباس والحسن : كان وعلاً اُهبط عليه من ثبير{[9886]} ، وقال الجمهور : إنه كبش أبيض أقرن أعين وجده وراءه مربوطاً بسمرة .

قال القاضي أبو محمد : وروي أنه انفلت لإبراهيم فاتبعه ورماه بحصيات في مواضع الجمرات فبذلك مضت السنة ، وقال ابن عباس رجم الشيطان عند جمرة العقبة وغيرها وقد قدم هذا .

قال القاضي أبو محمد : وأهل السنة أن هذه القصة نسخ فيها العزم على الفعل ، والمعتزلة التي تقول إنه لا يصح نسخ إلا بعد وقوع الفعل افترقت في هذه الآية على فرقتين ، فقالت فرقة وقع الذبح والتأم بعد ذلك .

قال القاضي أبو محمد : وهذا كذب صراح ، وقالت فرقة منهم : بل كان إبراهيم لم ير في منامه إلا أمارة الشفرة فقط ، فظن أنه ذبح فجهز ، فنفذ لذلك فلما وقع الذي رآه وقع النسخ .

قال القاضي أبو محمد : والاختلاف أن إبراهيم عليه السلام أمر الشفرة على حلق ابنه فلم تقطع ، وروي أن صفيحة نحاس اعترضته فحز فيها والله أعلم كيف كان ، فقد كثر الناس في قصص هذه الآية بما صحته معدومة ، فاختصرته .


[9885]:يعني الكبش الذي قربه هابيل لله وتقبله الله منه.
[9886]:الوعل: التيس البري أو تيس الجبل، أي: ذكر الأروى، وهو جنس من المعز الجبلي، له قرنان قويان منحنيان كَسَيْفَيْن أَحْدَبَيْن، وجمعه: أوعال وعول وثبير: جبل بمكة، يقال: أشرق ثبير كيما نغير.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

وجملة { وفديناهُ } يظهر أنها من الكلام الذي خاطب الله به إبراهيم .

والمعنى : وقد فدينا ابنَك بذبح عظيم ولولا هذا التقدير تكون حكاية نداء الله إبراهيم غير مشتملة على المقصود من النداء وهو إبطال الأمر بذبح الغلام .

والفِدَى والفداء : إعطاء شيء بدلاً عن حق للمعطَى ، ويطلق على الشيء المفدَى به من إطلاق المصدر على المفعول . وأسند الفداء إلى الله لأنه الآذِن به ، فهو مجاز عقلي ، فإن الله أوحى إلى إبراهيم أن يذبح الكبش فداء عن ذبح ابنه وإبراهيم هو الفادي بإذن الله ، وابن إبراهيم مُفْدىً .

والذِبح بكسر الذال : المذبوح ووزن فِعل بكسر الفاء وسكون عين الكلمة يكثر أن يكون بمعنى المفعول مما اشتق منه مثل : الحِب والطِحن والعِدل .

ووصفه ب { عَظِيمٍ } بمعنى شرف قدر هذا الذِبح ، وهو أن الله فدَى به ابن رسوللٍ وأبقى به من سيكون رسولاً فعِظمه بعظم أثره ، ولأنه سخره الله لإِبراهيم في ذلك الوقت وذلك المكان .

وقد أشارت هذه الآيات إلى قصة الذبيح ولم يسمه القرآن لعله لئلا يثير خلافاً بين المسلمين وأهل الكتاب في تعيين الذبيح مِن ولدَيْ إبراهيم ، وكان المقصد تألف أهل الكتاب لإِقامة الحجة عليهم في الاعتراف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديققِ القرآن ، ولم يكن ثَمة مقصد مهمّ يتعلق بتعيين الذبيح ولا في تخطئة أهل الكتاب في تعيينه ، وأمارة ذلك أن القرآن سمّى إسماعيل في مواضع غيرِ قصة الذبح وسمَّى إسحاق في مواضع ، ومنها بشارة أمه على لسان الملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لُوط ، وذكر اسمَيْ إسماعيل وإسحاق أنهما وُهبا له على الكِبر ولم يسمّ أحداً في قصة الذبح قصداً للإِبهام مع عدم فوات المقصود من الفضل لأن المقصود من القصة التنويه بشأن إبراهيم فأي ولديه كان الذبيح كان في ابتلائه بذبحه وعزمه عليه وما ظهر في ذلك من المعجزة تنويهٌ عظيم بشأن إبراهيم وقال الله تعالى : { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } [ العنكبوت : 46 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " روى الحاكم في « المستدرك » عن معاوية بن أبي سفيان أن أحد الأعراب قال للنبيء صلى الله عليه وسلم يا ابن الذبيحين فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعني أنه من ولد إسماعيل وهو الذبيح وأن أباه عبدَ الله بن عَبد المطلب كان أبوه عبد المطلب نذر : لئن رزقه الله بعشرة بنين أن يذبح العاشر للكعبة ، فلما وُلد عبد الله وهو العاشر عزَم عبد المطلب على الوفاء بنذره ، فكلّمه كبراء أهل البطاح أن يعْدِلَه بعشرة من الإِبل وأن يستقسم بالأزلام عليه وعلى الإِبل فإن خرج سَهم الإِبل نحرها ، ففعل فخرج سهم عبد الله ، فقالوا : أرضِ الآلهة ، أي الآلهة التي في الكعبة يومئذٍ ، فزاد عشرة من الإِبل واستقسم فخرج سهم عبد الله ، فلم يزالوا يقولون : أرْضِ الآلهة ويزيد عبد المطلب عشرة من الإِبل ويعيد الاستقسام ويخرج سهم عبد الله إلى أن بلغ مائة من الإِبل واستقسم عليهما فخرج سَهم الإِبل فقالوا رَضِيتْ الآلهة فذبحها فداءً عنه .

وكانت منقبة لعبد المطلب ولابنه أبي النبي صلى الله عليه وسلم تشبه منقبة جدّه إبراهيم وإن كانت جرت على أحوال الجاهلية فإنها يستخلص منها غيرُ ما حفّ بها من الأعراض الباطلة ، وكان الزمان زمان فترة لا شريعةَ فيه ولم يَرد في السنة الصحيحة ما يخالف هذا . إلا أنه شاع من أخبار أهل الكتاب أن الذبيح هو إسحاق بن إبراهيم بناء على ما جاء في « سفر التكوين » في « الإِصحاح » الثاني والعشرين وعلى ما كان يقصّه اليهود عليهم ، ولم يكن فيما علموه من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ما يخالفه ولا كانوا يسألونه .

والتأمُّل في هذه الآية يقوّي الظن بأن الذبيح إسماعيل ، فإنه ظاهر قوي في أن المأمور بذبحه هو الغلام الحليم في قوله : { فبشَّرناهُ بغلامٍ حَليمٍ } [ الصافات : 101 ] وأنه هو الذي سأل إبراهيمُ ربه أن يهب له فساقت الآية قصة الابتلاء بذبح هذا الغلام الحليم الموهوب لإِبراهيم ، ثم أعقبت قصته بقوله تعالى : { وبشرناهُ بإسحاق نبيئاً من الصالِحِين } [ الصافات : 112 ] ، وهذا قريب من دلالة النص على أن إسحاق هو غير الغلام الحليم الذي مضى الكلام على قصته لأن الظاهر أن قوله : { وبشرناه } [ الصافات : 112 ] بشارة ثانية وأن ذكر اسم إسحاق يدل على أنه غير الغلام الحليم الذي أجريت عليه الضمائر المتقدمة . فهذا دليل أول .

الدليل الثاني : أن الله لما ابتلى إبراهيم بذبح ولده كان الظاهر أن الابتلاء وقع حين لم يكن لإِبراهيم ابنٌ غيره لأن ذلك أكمل في الابتلاء كما تقدم .

الدليل الثالث : أن الله تعالى ذكر : { فبشرناه بغلام حليم } [ الصافات : 101 ] عَقِبَ ما ذكر من قول إبراهيم : { رب هب لي من الصالحين } [ الصافات : 100 ] ، فدل على أن هذا الغلام الحليم الذي أمر بذبحه هو المبشَّر به استجابةً لدعوته ، وقد ظهر أن المقصود من الدعوة أن لا يكون عقيماً يرثه عبيدُ بيته كما جاء في « سفر التكوين » وتقدم آنفاً .

الدليل الرابع : أن إبراهيم بنَى بيتاً لله بمكة قبل أن يبني بيتاً آخر بنحو أربعين سنة كما في حديث أبي ذرّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن شأن بيوت العبادة في ذلك الزمان أن تقرّب فيها القرابين فقربان أعز شيء على إبراهيم هو المناسب لكونه قرباناً لأشرف هيكل . وقد بقيت في العرب سنة الهدايا في الحج كل عام وما تلك إلا تذكرة لأول عام أُمر فيه إبراهيم بذبح ولده وأنه الولد الذي بمكة .

الدليل الخامس : أن أعرابياً قال للنبيء صلى الله عليه وسلم يابن الذبيحين ، فعلم مراده وتبسَّم ، وليس في آباء النبي صلى الله عليه وسلم ذبيح غير عبد الله وإسماعيل .

الدليل السادس : ما وقع في « سفر التكوين » في الإِصحاح الثاني والعشرين أن الله امتحن إبراهيم فقال له : « خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض المريا وأصعده هنالك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك » إلى آخر القصة .

ولم يكن إسحاق ابناً وحيداً لإِبراهيم فإن إسماعيل وُلد قبله بثلاث عشرة سنة . ولم يزل إبراهيم وإسماعيل متواصلين وقد ذكر في الإِصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين عند ذكر موت إبراهيم عليه السلام « ودفَنه إسحاق وإسماعيلُ ابناه » ، فإقحام اسم إسحاق بعد قوله : ابنَك وحيدَك ، من زيادة كاتب التوراة .

الدليل السابع : قال صاحب « الكشاف » : ويدل عليه أن قرني الكبش كانا منوطين في الكعبة في أيدي بنِي إسماعيل إلى أن احترق البيت في حصار ابن الزبير اه . وقال القرطبي عن ابن عباس : والذي نفسي بيده لقد كان أول الإِسلام وأن رأس الكبش لمعلق بقرنيه من ميزاب الكعبة وقد يبس . قلت : وفي صحة كون ذلك الرأس رأسَ كبش الفداء من زمن إبراهيم نظر .

الدليل الثامن : أنه وردت روايات في حكمة تشريع الرمي في الجمرات من عهد الحنيفية أن الشيطان تعرض لإِبراهيم ليصدّه عن المضيّ في ذبح ولده وذلك من مناسك الحجّ لأهل مكة ولم تكن لليهود سُنَّة ذبح معين .

وذكر القرطبي عن ابن عباس : أن الشيطان عرض لإِبراهيم عند الجمرات ثلاث مرات فرجمه في كل مرة بحصيات حتى ذهب من عند الجمرة الأخرى . وعنه : أن موضع معالجة الذبح كان عند الجمار وقيل عند الصخرة التي في أصل جبل ثبير بمنى .

الدليل التاسع : أن القرآن صريح في أن الله لمّا بشر إبراهيم بإسحاق قرن تلك البشارة بأنه يولد لإِسحاق يعقوب ، قال تعالى : { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } [ هود : 71 ] وكان ذلك بمحضر إبراهيم فلو ابتلاه الله بذبح إسحاق لكان الابتلاء صورياً لأنه واثق بأن إسحاق يعيش حتى يولد له يعقوب لأن الله لا يخلف الميعاد . ولمّا بشره بإسماعيل لم يَعِدْه بأنه سيُولد له وما ذلك إلا توطئة لابتلائه بذبحه فقد كان إبراهيم يدعو لحياة ابنه إسماعيل . فقد جاء في « سفر التكوين » الإِصحاح السابع عشر « وقال إبراهيم لله : ليت إسماعيل يعيش أمامك فقال الله : بل سارة تلد لك ابناً وتدعو اسمه إسحاق وأقيم عهدي معه عهداً أبدياً لنسله من بعده » . ويظهر أن هذا وقع بعد الابتلاء بذبحه .

الدليل العاشر : أنه لو كان المراد بالغلام الحليم إسحاق لكان قوله تعالى بعد هذا : { وبشرناه بإسحاق نبيئاً من الصالِحينَ } [ الصافات : 112 ] تكريراً لأن فعل : بشرناه بفلان ، غالب في معنى التبشير بالوجود .

واختلف علماء السلف في تعيين الذبيح فقال جماعة من الصحابة والتابعين : هو إسماعيل وممن قاله أبو هريرة وأبو الطفيل عامر بن واثلة وعبد الله بن عُمر وابن عباس ومعاوية بن أبي سفيان . وقاله من التابعين سعيد بن المسيب والشعبي ومجاهد وعلقمة والكلبي والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القُرظي وأحمد بن حنبل .

وقال جماعة : هو إسحاق ونقل عن ابن مسعود والعباس بن عبد المطلب وجابر بن عبد الله وعمر وعلي من الصحابة ، وقاله جمع من التابعين منهم : عطاء وعكرمة والزهري والسّدِّي . وفي « جامع العتبية » أنه قول مالك بن أنس .

فإن قلت : فعلامَ جنحتَ إليه واستَدللت عليه من اختيارك أن يكون لابتلاء بذبح إسماعيل دون إسحاق ، فكيف تتأول ما وقع في « سفر التكوين » ؟

قلت : أرى أن ما في « سفر التكوين » نُقِل مشتّتاً غير مرتبة فيه أزمان الحوادث بضبط يعين الزمن بين الذبح وبين أخبار إبراهيم ، فلما نقَل النقلةُ التوراة بعد ذهاب أصلها عقب أسر بني إسرائيل في بلاد أشور زمن بختنصر ، سجلت قضية الذبيح في جملة أحوال إبراهيم عليه السلام وأدمج فيها ما اعتقده بنو إسرائيل في غربتهم من ظنهم الذبيح إسحاق . ويدل لذلك قول الإِصحاح الثاني والعشرين « وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال خذ ابنك وحيدك » الخ ؛ فهل المراد من قولها : بعد هذه الأمور ، بعد جميع الأمور المتقدمة أو بعد بعض ما تقدم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ"... والفدية: الجزاء، يقول: جزيناه بأن جعلنا مكان ذبحه ذبح كبش عظيم، وأنقذناه من الذبح...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

الذِّبح: المهيأ لأن يُذبح.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{عظيم} خمسة تأويلات:

...

...

...

الثاني: لأنه ذبح بحق، قاله الحسن.

...

...

...

الرابع: لأنه عظيم البركة.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"وفديناه" ولد إبراهيم "بذبح عظيم"، فالفداء: جعل الشيء مكان غيره لدفع الضرر عنه...

العظيم هو الكبير.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{عظِيمٌ} ضخم الجثة سمين، وهي السنة في الأضاحي.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

«العظيم» لجري السنة، وكونه ديناً باقياً آخر الدهر.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما قدم ما هو الأهم من نهيه عن علاجه، ومن البشارة بالجزاء، ذكر فداءه بما جعله سنة باقية يذكر بها الذكر الجميل على مر الأيام وتعاقب السنين، ولما كان المفتدى منه من كان الأسير في يده، وكان إسماعيل في يد إبراهيم عليهما السلام، وهو يعالج إتلافه، جعل تعالى نفسه المقدس فادياً لأن الفادي من أعطى الفداء، وهو ما يدفع لفكاك الأسير، وجعل إبراهيم عليه السلام مفتدى منه تشريفاً له وإن كان في الحقيقة كالآلة التي لا فعل لها، والله تعالى هو المفتدى منه حقيقة فقال: {وفديناه} أي الذبيح عن إنفاذ ذبحه وإتمامه تشريفاً له {بذبح} أي بما ينبغي أن يذبح ويكون موضعاً للذبح، وهو كبش من الجنة، قيل: إنه الذي قربه هابيل فتقبله الله منه {عظيم} أي في الجثة والقدر والرتبة لأنه مقبول ومستن به ومجعول ديناً إلى آخر الدهر.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {وفديناهُ} يظهر أنها من الكلام الذي خاطب الله به إبراهيم.

والمعنى: وقد فدينا ابنَك بذبح عظيم ولولا هذا التقدير تكون حكاية نداء الله إبراهيم غير مشتملة على المقصود من النداء وهو إبطال الأمر بذبح الغلام.

والفِدَى والفداء: إعطاء شيء بدلاً عن حق للمعطَى، ويطلق على الشيء المفدَى به من إطلاق المصدر على المفعول. وأسند الفداء إلى الله لأنه الآذِن به، فهو مجاز عقلي، فإن الله أوحى إلى إبراهيم أن يذبح الكبش فداء عن ذبح ابنه وإبراهيم هو الفادي بإذن الله، وابن إبراهيم مُفْدىً.

والذِبح بكسر الذال: المذبوح ووزن فِعل بكسر الفاء وسكون عين الكلمة يكثر أن يكون بمعنى المفعول مما اشتق منه مثل: الحِب والطِحن والعِدل.

ووصفه ب {عَظِيمٍ} بمعنى شرف قدر هذا الذِبح، وهو أن الله فدَى به ابن رسولٍ وأبقى به من سيكون رسولاً فعِظمه بعظم أثره، ولأنه سخره الله لإِبراهيم في ذلك الوقت وذلك المكان.

وقد أشارت هذه الآيات إلى قصة الذبيح ولم يسمه القرآن لعله لئلا يثير خلافاً بين المسلمين وأهل الكتاب في تعيين الذبيح مِن ولدَيْ إبراهيم، وكان المقصد تألف أهل الكتاب لإِقامة الحجة عليهم في الاعتراف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديق القرآن، ولم يكن ثَمة مقصد مهمّ يتعلق بتعيين الذبيح ولا في تخطئة أهل الكتاب في تعيينه، وأمارة ذلك أن القرآن سمّى إسماعيل في مواضع غيرِ قصة الذبح وسمَّى إسحاق في مواضع، ومنها بشارة أمه على لسان الملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لُوط، وذكر اسمَيْ إسماعيل وإسحاق أنهما وُهبا له على الكِبر ولم يسمّ أحداً في قصة الذبح قصداً للإِبهام مع عدم فوات المقصود من الفضل لأن المقصود من القصة التنويه بشأن إبراهيم فأي ولديه كان الذبيح كان في ابتلائه بذبحه وعزمه عليه وما ظهر في ذلك من المعجزة تنويهٌ عظيم بشأن إبراهيم وقال الله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} [العنكبوت: 46] وقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم "روى الحاكم في « المستدرك» عن معاوية بن أبي سفيان أن أحد الأعراب قال للنبيء صلى الله عليه وسلم يا ابن الذبيحين فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعني أنه من ولد إسماعيل وهو الذبيح وأن أباه عبدَ الله بن عَبد المطلب كان أبوه عبد المطلب نذر: لئن رزقه الله بعشرة بنين أن يذبح العاشر للكعبة، فلما وُلد عبد الله وهو العاشر عزَم عبد المطلب على الوفاء بنذره، فكلّمه كبراء أهل البطاح أن يعْدِلَه بعشرة من الإِبل وأن يستقسم بالأزلام عليه وعلى الإِبل فإن خرج سَهم الإِبل نحرها، ففعل فخرج سهم عبد الله، فقالوا: أرضِ الآلهة، أي الآلهة التي في الكعبة يومئذٍ، فزاد عشرة من الإِبل واستقسم فخرج سهم عبد الله، فلم يزالوا يقولون: أرْضِ الآلهة ويزيد عبد المطلب عشرة من الإِبل ويعيد الاستقسام ويخرج سهم عبد الله إلى أن بلغ مائة من الإِبل واستقسم عليهما فخرج سَهم الإِبل فقالوا رَضِيتْ الآلهة فذبحها فداءً عنه.

وكانت منقبة لعبد المطلب ولابنه أبي النبي صلى الله عليه وسلم تشبه منقبة جدّه إبراهيم وإن كانت جرت على أحوال الجاهلية فإنها يستخلص منها غيرُ ما حفّ بها من الأعراض الباطلة، وكان الزمان زمان فترة لا شريعةَ فيه ولم يَرد في السنة الصحيحة ما يخالف هذا...

والتأمُّل في هذه الآية يقوّي الظن بأن الذبيح إسماعيل، فإنه ظاهر قوي في أن المأمور بذبحه هو الغلام الحليم في قوله: {فبشَّرناهُ بغلامٍ حَليمٍ} وأنه هو الذي سأل إبراهيمُ ربه أن يهب له فساقت الآية قصة الابتلاء بذبح هذا الغلام الحليم الموهوب لإِبراهيم، ثم أعقبت قصته بقوله تعالى: {وبشرناهُ بإسحاق نبيئاً من الصالِحِين} [الصافات: 112]، وهذا قريب من دلالة النص على أن إسحاق هو غير الغلام الحليم الذي مضى الكلام على قصته لأن الظاهر أن قوله: {وبشرناه} [الصافات: 112] بشارة ثانية وأن ذكر اسم إسحاق يدل على أنه غير الغلام الحليم الذي أجريت عليه الضمائر المتقدمة.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إحدى دلائل عظمة هذا الذبح، هو اتساع نطاق هذه العملية سنة بعد سنة بمرور الزمن، وحالياً يذبح في كلّ عام أكثر من مليون أضحية تيمنّاً بذلك الذبح العظيم وإحياء لذلك العمل العظيم.