الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

والذَّبْحُ العظيمُ في قول الجمهور : كَبْشٌ أبْيَضُ أعْيَنُ ، وَجَدَهُ وَرَاءَهُ مَرْبُوطاً بسَمُرَةٍ ، وأَهْلُ السُّنَّةِ على أَنَّ هذه الْقِصَّةَ نُسِخَ فيها العَزْمُ على الْفِعْلِ ؛ خلافاً للمعتزلة ، قال أحمد بن نَصْرٍ الداودي : وإنْ نَسَخَ اللَّهُ آيةً قَبْلَ العَمَلِ بِهَا ؛ فإنَّما يَنْسَخُها بَعْدَ اعْتِقَادِ قَبُولِها وهُوَ عَمَلٌ انتهى من تفسيره عند قوله تعالى : { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ } [ البقرة : 106 ] .

قال ( ع ) : ولا خلافَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ أَمَرَّ الشَّفْرَةَ على حَلْقِ ابنه فَلَمْ تَقْطَعْ ، والجمهورُ أَنَّ أمْرَ الذَّبْحِ كانَ بِمِنًى ، وقال الشَّعْبِيُّ : رَأَيْتُ قَرْنَيْ كَبْشِ إبْرَاهِيمَ مُعَلَّقَتَيْنِ في الكَعْبَةِ ، وروى عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " يَا فَاطِمَةُ ، قُومِي لاٌّضْحِيَتِكِ ، فاشهديها ؛ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ ، وَقُولِي : إنَّ صَلاَتِي ونُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، لاَ شَرِيكَ لَه وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ . قال عِمْرَانُ : قلت : يا رسُولَ اللَّهِ ، هَذَا لَكَ وَلأَهْلِ بَيْتِكَ خَاصَّةً ، أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ؟ قَال : لاَ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ " . رواه الحاكم في «المستدرك » انتهى من «السِّلاَح » .