فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

{ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } الذبح اسم المذبوح ، وجمعه ذبوح كالطحن اسم للمطحون ، وبالفتح المصدر ، ومعنى عظيم : عظيم القدر ، ولم يرد عظيم الجثة وإنما عظم قدره لأنه فدى به الذبيح أو لأنه متقبل ، قال النحاس : العظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف ، وأهل التفسير على أنه ههنا للشريف ، أي المتقبل ، قال الواحدي : قال أكثر المفسرين ومنهم ابن عباس : ( أنزل عليه كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا ) ، وقال الحسن ما فدي إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه ، قال الزجاج : قد قيل إنه فدي بوعل والوعل التيس الجبلي ، ومعنى الآية جعلنا الذبح فداء له وخلصناه به من الذبح ، قال ابن عباس : بكبش عظيم متقبل ، قيل : قد بقي قرناه معلقين على الكعبة إلى أن احترق البيت في زمن ابن الزبير ، قال الشعبي : رأيت قرني الكبش منوطين بالكعبة .

وقال ابن عباس : والذي نفسي بيده لقد كان أول الإسلام وإن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزاب الكعبة وقد يبس . انتهى . ومن المعلوم المقرر أن كل ما هو من الجنة لا تؤثر فيه النار فلم يطبخ لحم الكبش بل أكلته السباع والطيور تأمل .

قال أبو السعود : لما ذبحه السيد إبراهيم قال جبريل : الله أكبر الله أكبر الله أكبر فقال الذبيح : لا إله إلا الله والله أكبر ، فقال إبراهيم : الله أكبر ولله الحمد ، فبقي هذا سنة انتهى . عن ابن عباس : ( أن رجلا قال : نذرت لأذبح نفسي فقال ابن عباس : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } ثم تلا : { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } فأمره بكبش فذبحه ) وقد استشهد أبو حنيفة بهذه الآية فيمن نذر بذبح ولده أنه يلزمه ذبح شاة .