الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ} (107)

وقال ابن عباس : " بذبح عظيم " بكبش قد {[21]} رعى في الجنة أربعين سنة {[22]} .

وقال الحسن : ما فدي إلا بتيس من الأروي أهبط عليهما من ثبير {[23]} {[24]} .

وقيل {[25]} : فدي بوعل {[26]} . والوعل : التيس الجبلي {[27]} .

وأجاز بعض العلماء {[28]} نسخ الشيء قبل فعله واستدل بأن هذه الآية قد نسخ الله فيها الأمر بالذبح بالفداء له {[29]} بالكبش قبل فعله . ومثله عنده أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم {[30]} بفرض خمسين صلاة ، ثم رده إلى خمس . ومثله الأمر بالصدقة قبل مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم {[31]} في سورة المجادلة {[32]} ثم نسخه {[33]} بالترك {[34]} .

[ وقال غيره : لا يجوز في هذا نسخ لأنه بداء {[35]} لو قلت : قم ، ثم قلت لا تقم لكان ] {[36]} بداء {[37]} وذلك لا يجوز على الله جل ذكره بل فعل إبراهيم ما أمر به من أخذ السكين والإضجاع وغير ذلك {[38]} .

وهذا عند الحذاق من العلماء إنما هو من تأخير البيان .

ومن قال : إنه نسخ فإنما فعل ذلك لأن تأخير البيان لا يجوز عنده وهو الغاساني {[39]} .

ولو جاز أن يقال : إن هذا منسوخ لجاز في قوله : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } {[40]} ثم بينها بعد ذلك فيكون البيان ناسخا لما تقدم ، وهذا لم يقله أحد .

ويدل على جواز تأخير البيان قوله : { ثم إن علينا بيانه } {[41]} وثم تدل على التراخي {[42]} .

وقد بينا هذا في كتاب " الناسخ والمنسوخ " بأبين من هذا {[43]} {[44]} .

ويروى أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يذبح ابنه قال له : اربطني ، فلما أسلما لأمر الله وضع السكين على حلقه ، بعث الله نحاسا فكان على حلقه فجر على النحاس ثم نودي فالتفت فرأى الذبح وراءه فقال إبراهيم : يا بني إنك نبي وإن لك لدعوة {[45]} أعطيتها كما أعطي الأنبياء فاسأله فقال إسماعيل : وإني {[46]} أسأل أن يغفر لكل عبد مات ولا يشرك به شيئا .


[21]:- في ق: بروايته. وهو تحريف.
[22]:- في ع3: بالكتاب. وهو تحريف.
[23]:- وهو كتاب "مشكل إعراب القرآن".
[24]:- في ع3: بالكتاب. وهو تحريف.
[25]:- في ق، ح: تبين.
[26]:- في ع2، ح، ع3: فيه.
[27]:- في ع3: عني. وهو تحريف.
[28]:- في ق: من. وفي ح: على.
[29]:- في ق: دراسه.
[30]:- في ع2، ع3: كتاب الهداية.
[31]:- في ع2: لا أن.
[32]:- في ق: علوم.
[33]:- في ع1: نهاية.
[34]:- في ع2: وجمعت.
[35]:- هو محمد بن علي بن أحمد المصري، نحوي ومقرئ ومفسر، لزم أبا جعفر النحاس. (ت 388هـ). انظر: طبقات القراء 2/198.
[36]:- في ع3: أن أقضيت.
[37]:- في ع3: كتاب.
[38]:- هو محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ، مجتهد مطلق (ت310هـ). انظر: طبقات القراء 2/106 وطبقات المفسرين 82-83.
[39]:- سقط من ق.
[40]:- هو أحمد بن محمد النحوي المصري، أخذ النحو عن المبرد والزجاج وابن الأنباري وغيرهم، له "إعراب القرآن". (ت338هـ). انظر: طبقات النحويين 239 وإنباه الرواة 1/101 ومعجم الأدباء 4/224.
[41]:- هو إبراهيم بن السَّري، من علماء اللغة والنحو، اختص بالمبرد. (ت311هـ). انظر: نزهة الألبا 183، وطبقات النحويين 121.
[42]:- في ع3: بن. وهو خطأ.
[43]:- هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترجمان القرآن، ومؤسس مدرسة التفسير بمكة. روى عنه طاوس وعكرمة وعطاء وغيرهم. (ت68هـ). انظر: طبقات ابن خياط 284، وسير أعلام النبلاء 3/311، وتذكرة الحفاظ 1/40، الإصابة 2/322.
[44]:- هو يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة البصري، مفسر، مقرئ. سمع منه بمصر عبد الله بن وهب (ت 200هـ). انظر: طبقات القراء 2/373 وميزان الاعتدال 3/290.
[45]:- هو يحيى بن زياد بن عبد الله، أبو زكريا، مفسر نحوي، لغوي. روى عن الكسائي. ألَّفَ "معاني القرآن". (ت 207هـ). انظر: طبقات النحويين 143 أو نزهة الألبا 81 أو تذكرة الحفاظ 1/338.
[46]:- سقط من "ق".