جاء الحديث عن المؤمنين ونعيمهم ، فقال - تعالى - : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ . لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ . فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } .
قال الآلوسى : قوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } شروع فى رواية حديث أهل الجنة ، وتقديم حكاية أهل النار ، لأنه أدخل فى تهويل الغاشية ، وتفخيم حديثها ، ولأن حكاية حُسْنِ حال أهل الجنة ، بعد حكاية سوء أهل النار ، مما يزيد المحكى حسنا وبهجة . . . وإنما لم تعطف هذه الجملة على تلك الجملة ، إيذانا بكمال التباين بين مضمونهما . .
أى : وجوه كثيرة تكون يوم القيامة ، ذات بهجة وحسن ، وتكون متنعمة فى الجنة بما أعطاها - سبحانه - من خير عميم ، جزاء عملها الصالح فى الدنيا .
القول في تأويل قوله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاعِمَةٌ * لّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنّةٍ عَالِيَةٍ * لاّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مّرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيّ مَبْثُوثَةٌ } .
يقول تعالى ذكره : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ يعني : يوم القيامة ناعِمَةٌ يقول : هي ناعمة بتنعيم الله أهلها في جناته ، وهم أهل الإيمان بالله .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم ذكر أولياءه من أهل طاعته ، فقال : { وجوه يومئذ ناعمة } يعني فرحة شبه الله عز وجل وجوههم بوجوه قوم فرحين ، إذا أصابوا الشراب طابت أنفسهم ، فاجتمع الدم في وجوههم ، فاجتمع فرح القلوب وفرح الشراب ، فهو ضاحك الوجه مبتسم طيب النفس ، ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[{ وجوه يومئذ }]: يوم القيامة "ناعِمَةٌ" يقول : هي ناعمة بتنعيم الله أهلها في جناته ، وهم أهل الإيمان بالله .
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ناعمة بما عاينت من عاقبة عملها الصالح في الدنيا ، ورضيت بما أوتيت جزاء عن سعيها في الدنيا ، جعل الله تعالى في وجوه الخلق يوم القيامة آثار صنائعهم في الدنيا . فمن أطاعه جعل علم طاعته في وجهه يوم القيامة ، ومن عصاه جعل أثره في وجهه ، يعرف به . ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
ذات بهجة وحسن ، كقوله : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم } [ المطففين : 24 ] ، أو متنعمة . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما ذكر الأعداء وقدمهم لما تقدم ، أتبعه الأولياء فقال مستأنفاً ذكر ما لهم من ضد ما ذكر للأعداء : { وجوه يومئذ } أي إذ كان ما ذكر { ناعمة } أي ذات بهجة وسرور تظهر عليها النعمة والنضرة والراحة والرفاهية بضد تلك الناصبة ، لأن هؤلاء أتبعوا أنفسهم في دار العمل الدنيا وصبروا على التقشف وشظف العيش ...
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :
ويومئذٍ : هو يوم الغاشية المتقدم ، وهذا يقتضي أن الغاشية عامة في الفريقين . وإن اختلفت أحوالها مع مختلف الناس ، وعليه فمنهم من تغشاه بهولها ، ومنهم من تغشاه بنعيمها . وهي بالنسبة لكل منهما متناهية فيما تغشاهم به ، وهي صادقة على الفريقين . ومعلوم أن الغاشية تطلق على الخير كما تطلق على الشر ، بمعنى الشمول والإحاطة التامة . ومن إطلاقها على الخير ما جاء في الحديث : " ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله تعالى فيه إلاَّ حفَّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده " أخرجه مسلم .... وفي حق القسم المقابل تعميم كامل وسرور شامل كالآتي ، وجوه ناعمة مكتملة النعمة ، تعرف في وجوههم نضرة النعيم . وهذا في شموله من الناحية المعنوية كمقابلة في القسم الأول بدلاً من خاشعة في ذلة ناعمة في نضرة لسعيها راضية الذي سعته في الدنيا ، والذي تسعى لتحصيله أو ثوابه في جنة عالية بدلاً من عمل ونصب . ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.