المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

56- الذين عقدت معهم العهود والمواثيق ، ولا يزالون ينقضونها مرة بعد مرة ، وهم اليهود لا يردعهم عن ذلك تعظيم لله ، ولا خوف من نقمته وعذابه{[76]} .


[76]:في الآية الكريمة وما بعدها تحذير من الذين يعاهدون ثم ينقضون العهد، هؤلاء يجب التنكيل بهم وبمن وراءهم، وفيها بيان لأهمية تدمير مؤخرة العدو وهو أسلوب من أساليب القتال الحديثة، لأن إيقاع الاضطراب في مؤخرة العدو كفيل بإرباكه ودفعه إلى توزيع جنوده لحامية مؤخرته وفي هذا تفكيك لقوته. يضاف إلى ذلك أن في المناطق الخلفية من ميادين القتال توجد المنشآت الإدارية التي تعتمد عليها القوات في الإعاشة، ووقوع الاضطراب في هذه الأنحاء يؤدي إلى عدم انتظام إعانة القوات، بالتالي إلى إيقاع الهزيمة بالعدو.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

{ 55 - 57 ْ } { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ْ }

هؤلاء الذين جمعوا هذه الخصال الثلاث : الكفر ، وعدم الإيمان ، والخيانة ، بحيث لا يثبتون على عهد عاهدوه ولا قول قالوه ، هم شر الدواب عند الله فهم شر من الحمير والكلاب وغيرها ، لأن الخير معدوم منهم ، والشر متوقع فيهم ، فإذهاب هؤلاء ومحقهم هو المتعين ، لئلا يسري داؤهم لغيرهم ، ولهذا قال : { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ ْ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

وقوله : { الذين عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } بدل من الموصول الأول وهو قوله : { الذين كَفَرُواْ } أو عطف بيان له .

أى : إن شر الدواب عند الله الذين أصروا على الكفر ورسخوا فيه ، الذين { عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ } أى : أخذت منهم عهدهم ، ثم ينقضون عهدهم في كل مرة دون أن يفوا بعهودهم ولو مرة واحدة من المرات المتعددة .

فقوله : { عَاهَدْتَّ } مضمن معنى الأخذ ، ولذا عدي بمن .

قال الآلوسى : قوله : { الذين عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ } بدل من الموصول الأول ، أو عطف بيان ، أو نعت ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو نصب على الذم ، وعائد الموصل قيل : ضمير الجمع المجرور ، والمراد : عاهدتم ، و { مِن } للإِيذان بأن المعاهدة - التي هى عبارة عن إعطاء العهد وأخذه من الجانبين - معتبرة هنا من حيث أخذه - صلى الله عليه وسلم - ، إذ هو المناط لما نعى عليهم من النقض ، لا إعطاؤه - عليه الصلاة والسلام إياهم عهده كأنه قيل : الذين أخذت منهم عهدهم ، وقال أبو حيان : بتعيضية ، لأن المباشر لا كلهم .

.

وقوله : { ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } معطوف على الصلة .

وكان العطف " بثم " المفيدة للتراخى ، للإِيذان بالتفاوت الشديد بين ما أخذ عليهم من عهود ، وبين ما تردوا فيه من نقض لها ، واستهانة بها .

وجئ بصيغة المضارع { يَنقُضُونَ } المفيدة للحال والاستقبال ، لدلالة على تعدد النقض وتجدده ، وأنهم على نيته في كل مرة يعاهدون فيها غيرهم .

وقوله : { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } في موضع الحال من فاعل { يَنقُضُونَ } .

أى : أن هؤلاء القوم دأبهم نقض العهود والمواثيق في كل وقت ، ومع ذلك فحالهم وشأنهم أنهم لا يشعرون خلال نقضهم للعهود بأي تحرج أو خجل ، بل يرتكبون ما يرتكبون من المنكرات دون أن يتقوا عارها ، أو يخشوا سوء عاقبتها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ عَاهَدْتّ مِنْهُمْ ثُمّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلّ مَرّةٍ وَهُمْ لاَ يَتّقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إن شرّ الدوابّ عند الله الذين كفروا ، الذين عاهدت منهم يا محمد ، يقول : أخذت عهودهم ومواثيقهم أن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك محاربا لك كقريظة ونظرائهم ممن كان بينك وبينهم عهد وعقد ، ثم ينقضون عهودهم ومواثيقهم ، كلما عاهدوا دافعوك وحاربوك وظاهروا عليك ، وهم لا يتقون الله ولا يخافون في فعلهم ذلك أن يوقع بهم وقعة تجتاحهم وتهلكهم . كالذي :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : الّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ قال : قريظة مالئوا على محمد يوم الخندق أعداءه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

وقوله : { الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } بدل من الذين كفروا بدل البعض للبيان والتخصيص ، وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمالئوا عليه فأعانوا المشركين بالسلاح وقالوا : نسينا ثم عاهدهم فنكثوا ومالؤوهم عليه يوم الخندق ، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم . ومن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ والمراد بالمرة مرة المعاهدة أو المحاربة . { وهم لا يتقون } سبة الغدر ومغبته ، أو لا يتقون الله فيه أو نصره للمؤمنين وتسليطه إياهم عليهم .