مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

الصفة الثانية : أن يكون ناقضا للعهد على الدوام فقوله : { الذين عاهدت منهم } بدل من قوله : { الذين كفروا } أي الذين عاهدت من الذين كفروا وهم شر الدواب وقوله : { منهم } لتبعيض فإن المعاهدة إنما تكون مع أشرافهم وقوله : { ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } قال أهل المعاني إنما عطف المستقبل على الماضي ، لبيان أن من شأنهم نقض العهد مرة بعد مرة . قال ابن عباس : هم قريظة فإنهم نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعانوا عليه المشركين بالسلاح في يوم بدر ، ثم قالوا : أخطأنا فعاهدهم مرة أخرى فنقضوه أيضا يوم الخندق ، وقوله : { وهم لا يتقون } معناه أن عادة من رجع إلى عقل وحزم أن يتقي نقض العهد حتى يسكن الناس إلى قوله ويثقوا بكلامه ، فبين تعالى أن من جمع بين الكفر الدائم وبين نقض العهد على هذا الوجه كان شر الدواب .