فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

قوله : { الذين عاهدت مِنْهُمْ } بدل من الذين كفروا أو عطف بيان أو في محل نصب على الذمّ . والمعنى : أن هؤلاء الكافرين الذين همّ شرّ الدوابّ عند الله هم هؤلاء الذين عاهدت منهم ، أي أخذت منهم عهدهم ، { ثُمَّ } هم { يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ } الذي عاهدتهم { فِي كُلّ مَرَّةٍ } من مرّات المعاهدة ، { و } الحال أن { هُمْ لا يَتَّقُونَ } النقض ، ولا يخافون عاقبته ولا يتجنبون أسبابه . وقيل إن «مِنْ » في قوله : { مِنْهُمْ } للتبعيض ، ومفعول عاهدت محذوف ، أي الذين عاهدتهم ، وهم بعض أولئك الكفرة : يعني الأشراف منهم ، وعطف المستقبل وهو ثم ينقضون على الماضي ، وهو عاهدت للدلالة على استمرار النقض منهم ، وهؤلاء هم قريظة ، عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعينوا الكفار فلم يفوا بذلك كما سيأتي .

/خ60