القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .
يقول تعالى ذكره : ما أموالكم أيها الناس وأولادكم إلا فتنة ، يعني بلاء عليكم في الدنيا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّما أمْوالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ يقول : بلاء .
وقوله : وَاللّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ يقول : والله عند ثواب لكم عظيم ، إذا أنتم خالفتم أولادكم وأزواجكم في طاعة الله ربكم ، وأطعتم الله عزّ وجلّ ، وأدّيتم حقّ الله في أموالكم ، والأجر العظيم الذي عند الله الجنة ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَاللّهُ عنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ وهي الجنة .
ثم أخبر تعالى أن الأموال والأولاد { فتنة } تشغل المرء عن مراشده وتحمله من الرغبة في الدنيا على ما لا يحمده في آخرته ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «الولد مجبنة »{[11143]} ( مبخلة ) ، وخرج أبو داود حديثاً في مصنفه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يخطب يوم الجمعة على المنبر حتى جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يجرانهما يعثران ويقومان ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر حتى أخذهما وصعد بهما ، ثم قرأ : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } الآية ، وقال إني رأيت هذين فلم أصبر ، ثم أخذ في خطبته{[11144]} .
قال القاضي أبو محمد : وهذه ونحوها هي فتنة الفضلاء ، فأما فتنة الجهال والفسقة ، فمؤدية إلى كل فعل مهلك ، وقال ابن مسعود : لا يقول أحدكم اللهم اعصمني عن الفتنة فإنه ليس يرجع أحد إلى أهل ومال إلا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن ليقل : اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن . وقال عمر لحذيفة : كيف أصبحت ؟ فقال : أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق ، فقال عمر : ما هذا ؟ فقال : أحب ولدي وأكره الموت . وقوله تعالى : { والله عنده أجر عظيم } تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.