تذييل لأن فيه تعميمَ أحوال الأولاد بعد أن ذُكر حال خاص ببعْضهم .
وأدمج فيه الأموال لأنها لم يشملها طلب الحذر ولا وصف العداوة . وقدم ذكر الأموال على الأولاد لأن الأموال لم يتقدم ذكرها بخلاف الأولاد .
ووجه إدماج الأموال هنا أن المسلمين كانوا قد أصيبوا في أموالهم من المشركين فغلبوهم على أموالهم ولم تُذكر الأموال في الآية السابقة لأن الغرض هو التحذير من أشد الأشياء اتصالاً بهم وهي أزواجهم وأولادهم . ولأن فتنة هؤلاء مضاعفة لأن الداعي إليها يكون من أنفسهم ومن مساعي الآخرين وتسويلهم . وجُرد عن ذكر الأزواج هنا اكتفاء لدلالة فتنة الأولاد عليهن بدلالة فحوى الخطاب ، فإن فتنتهن أشد من فتنة الأولاد لأن جُرْأتهن على التسويل لأزواجهن ما يحاولنه منهم أشد من جرأة الأولاد .
والقصر المستفاد من { إنما } قصر موصوف على صفة ، أي ليست أموالكم وأولادكم إلا فتنةً . وهو قصر ادعائي للمبالغة في كثرة ملازمة هذه الصفة للموصوف إذ يندُر أن تخلو أفرادُ هذين النوعين ، وهما أموال المسلمين وأولادهم عن الاتصاف بالفتنة لمن يتلبس بهما .
والإِخبار ب { فتنة } للمبالغة . والمراد : أنهم سبب فتنة سواء سعوا في فعل الفَتْن أم لم يسعوا . فإن الشغل بالمال والعناية بالأولاد فيه فتنة .
ففي هذه الآية من خصوصيات علم المعاني التذييلُ والإِدماج ، وكلاهما من الإِطناب ، والاكتفاءُ وهو من الإِيجاز ، وفيها الإِخبار بالمصدر وهو { فتنة } ، والإِخبار به من المبالغة فهذه أربعة من المحسنات البديعية ، وفيها القصر ، وفيها التعليل ، وهو من خصوصيات الفصل ، وقد يعد من محسنات البديع أيضاً فتلك ست خصوصيات .
وفصلت هذه الجملة عن التي قبلها لأنها اشتملت على التذييل والتعليل وكلاهما من مقتضيات الفصل .
والفتنة : اضطراب النفس وحيرتها من جراء أحوال لا تلائم مَن عرضت له ، وتقدم عند قوله تعالى { والفتنة أشد من القتل } في سورة [ البقرة : 191 ] .
أخرج أبو داود عن بريدة قال : إن رسول الله كان يخطب يوم الجمعة حتى جاء الحسن والحسين يعثران ويقومان فنزل رسول الله عن المنبر فأخذهما وجذبهما ثم قرأ إنما أموالكم وأولادكم فتنة } . وقال : رأيت هذين فلم أصبر ، ثُم أخذ في خطبته » .
وذكر ابن عطية : أن عمر قال لحذيفة : كيف أصبحتَ فقال : أصبحتُ أحب الفتنة وأكره الحق . فقال عمر : ما هذا ؟ فقال : أحب ولدي وأكره الموت .
وقوله : { والله عنده أجر عظيم } عطف على جملة { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } لأن قوله : { عنده أجر عظيم } كناية عن الجزاء عن تلك الفتنة لمن يصابر نفسه على مراجعة ما تسوله من الانحراف عن مرضاة الله إن كان في ذلك تسويل . والأجر العظيم على إعطاء حق المال والرأفة بالأولاد ، أي والله يؤجركم عليها . لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من ابتُلي من هذه البنات بشيء وكنّ له ستراً من النار " وفي حديث آخر " إن الصبر على سوء خلق الزوجة عبادة " .
والأحاديث كثيرة في هذا المعنى منها ما رواه حذيفة : فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصدقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.