القول في تأويل قوله تعالى : { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتّقِينَ } .
وهذا إعلام من الله نبيه صلى الله عليه وسلم سِيما المنافقين أن من علاماتهم التي يعرفون بها تخلفهم عن الجهاد في سبيل الله باستئذانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركهم الخروج معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة . يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد لا تأذننّ في التخلف عنك إذا خرجت لغزو عدوّك لمن استأذنك في التخلف من غير عذر ، فإنه لا يستأذنك في ذلك إلا منافق لا يؤمن بالله واليوم الاَخر ، فأما الذي يصدّق بالله وبقرّ بوحدانيته وبالبعث والدار الاَخرة والثواب والعقاب ، فإنه لا يستأذنك في ترك الغزو وجهاد أعداء الله بماله ونفسه . وَاللّهُ عَلِيمٌ بالمُتّقِينَ يقول : والله ذو علم بمن خافه فاتقاه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه والمسارعة إلى طاعته في غزو عدوّه وجهادهم بماله ونفسه ، وغير ذلك من أمره ونهيه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : لا يَسْتأذِنُكَ الّذِينَ يُؤْمِنُونَ باللّهِ فهذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد من غير عذر ، وعذر الله المؤمنين ، فقال : لم يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ .
وقوله { لا يستأذنك } الآية . نفي عن المؤمنين أن يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في التخلف دون عذر كما فعل الصنف المذكور من المنافقين ، وقوله { أن يجاهدوا } يحتمل أن تكون { أن } في موضع نصب على معنى لا يستأذنون في التخلف كراهية أن يجاهدوا ، قال سيبويه ويحتمل أن تكون في موضع خفض .
قال القاضي أبو محمد : على معنى لا يحتاجون إلى أن يستأذنوا في أن يجاهدوا بل يمضون قدماً ، أي فهم أحرى ألا يستأذنوا في التخلف ، ثم أخبر بعلمه تعالى { بالمتقين } وفي ذلك تعيير للمنافقين وطعن عليهم بين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.