{ فإذا سويته } أى : سويت خلق هذا البشر ، وكملت أجزاءه ، وجعلته في أحسن تقويم . . .
{ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } أى : وضعت فيه ما به حياته وحركته وهو الروح ، الذي لا يعلم حقيقته أحد سواى .
قال القرطبى : قوله : { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } النفخ إجراء الريح في الشئ . والروح جسم لطيف ، أجرى الله العادة بأن يخلق الحياة في البدن مع ذلك الجسم . وحقيقته إضافة خلق إلى خالق ، فالروح خلق من خلقه أضافه - سبحانه - إلى نفسه تشريفاً وتكريماً ، كقوله ، أرضى وسمائى وبيتى وناقة الله وشهر الله . . . .
وقوله { فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } أمر منه - سبحانه - للملائكة بالسجود لآدم .
أى : فإذا سويت خلقه ، وأفضت عليه ما به حياته ، فاسقطوا وخروا له ساجدين ، سجود تحية وتكريم ، لا سجود عبادة ، فإن سجود العبادة لى وحدى .
وقال - سبحانه - { فقعوا . . } بفاء التعقيب ، للإشعار بأن سجودهم له واجب عليهم عقب التسوية والنفخ من غير إبطاء أو تأخير .
وهذا نوع من تكريم الله - تعالى - لعبده آدم - عليه السلام - ، وله - سبحانه - أن يكرم بعض عباده بما يشاء ، وكيف شاء .
و { سويته } معناه : كملته وأتقنته حتى استوت أجزاؤه على ما يجب ، وقوله : { من روحي } إضافة خلق وملك إلى خالق مالك ، أي من الروح الذي هو لي ولفظة الروح هنا للجنس .
وقوله : { فقعوا } من وقع يقع ، وفتحت القاف لأجل حرف الحلق ، وهذه اللفظة تقوي أن سجود الملائكة إنما كان على المعهود عندنا ، لا أنه خضوع وتسليم ، وإشارة ، كما قال بعض الناس ، وشبهوه بقول الشاعر [ أبي الأخزر الحماني ] : [ الطويل ]
فكلتاهما خرّت وأسجد رأسها . . . كما سجدت نصرانة لم تحنف{[7166]}
وهذا البيت يشبه أن يكون السجود فيه كالمعهود عندنا .
وحكى الطبري في تفسير هذه الآية عن ابن عباس : أنه قال : خلق الله ملائكة أمرهم بالسجود لآدم فأبوا ، فأرسل عليهم ناراً فأحرقتهم ، ثم خلق آخرين فأمرهم بالسجود فأطاعوا إلا إبليس فإنه كان من الأولين .
قال القاضي أبو محمد : وقول ابن عباس - من الأولين - يحتمل أن يريد في حالهم وكفرهم ، ويحتمل أن يريد : في أنه بقي منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.