وأما قوله : { فإذا سويته } ففيه قولان : الأول : فإذا سويت شكله بالصورة الإنسانية والخلقة البشرية . والثاني : فإذا سويت أجزاء بدنه باعتدال الطبائع وتناسب الأمشاج كما قال تعالى : { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج } .
وأما قوله : { ونفخت فيه من روحي } ففيه مباحث : الأول : أن النفخ إجراء الريح في تجاويف جسم آخر ، وظاهر هذا اللفظ يشعر بأن الروح هي الريح ، وإلا لما صح وصفها بالنفخ إلا أن البحث الكامل في حقيقة الروح سيجيء في قوله تعالى : { قل الروح من أمر ربي } وإنما أضاف الله سبحانه روح آدم إلى نفسه تشريفا له وتكريما . وقوله : { فقعوا له ساجدين } فيه مباحث : أحدها : أن ذلك السجود كان لآدم في الحقيقة أو كان آدم كالقبلة لذلك السجود ، وهذا البحث قد تقدم ذكره في سورة البقرة . وثانيها : أن المأمورين بالسجود لآدم عليه السلام كل ملائكة السموات أو بعضهم أو ملائكة الأرض ، من الناس من لا يجوز أن يقال : إن أكابر الملائكة كانوا مأمورين بالسجود لآدم عليه السلام ، والدليل عليه قوله تعالى في آخر سورة { الأعراف } في صفة الملائكة : { إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون } فقوله : { وله يسجدون }
يفيد الحصر ، وذلك يدل على أنهم لا يسجدون إلا لله تعالى وذلك ينافي كونهم ساجدين لآدم عليه السلام أو لأحد غير الله تعالى ، أقصى ما في الباب أن يقال : إن قوله تعالى : { فقعوا له ساجدين } يفيد العموم ، إلا أن الخاص مقدم على العام . وثالثها : أن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى كما نفخ الروح في آدم عليه السلام وجب على الملائكة أن يسجدوا له ، لأن قوله : { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } مذكور بفاء التعقيب وذلك يمنع من التراخي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.