تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ} (29)

الآيتان 28 و 29 : وقوله تعالى : { وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون } { فإذا سويته } أي أتممته { ونفخت فيه من روحي } وقال في آية أخرى : { فنفخنا فيه من روحنا } ( التحريم : 12 ) لم يشبه هذا على الناس ، ولم يفهموا من قوله : { ونفخت فيه من روحي } [ وقوله ]{[9842]} : { فنفخنا فيها من روحنا } ( الأنبياء : 91 ) ما فهموا من نفخ الخلق .

فما بالهم فهموا من قوله : { ثم استوى على العرش } ( الأعراف : 54 ، . . . . . . ) وقوله{[9843]} : { ثم استوى إلى السماء } ( البقرة : 29 ) ونحوه استواء الخلق . بل ( فهموا نفخة منه ){[9844]} فهم نفخ الخلق أكثر من استوائه لأنه أمكن صرف الاستواء إلى وجوه ، ولا يمكن صرف النفخ منه . لكنه اشتبه عليهم لأنهم اقتدروا فعل الله بفعل الخلق ، ولا يجب أن يقتدروا بالخلق على ما لم يقتدروا في قوله : { تلك حدود الله } ( البقرة : 187 ، . . . . . . . . ) و { حكم الله } ( المائدة : 43 ، . . . . . . . . . . . ) و { عبد الله } ( مريم : 30 ) و { خلق الله } ( لقمان : 11 ) وأمثالها{[9845]} . وقد أخبر أنه { ليس كمثله شيء } ( الشورى : 11 ) أو تلقين من الشيطان .

وقوله تعالى : { روحي } و { روحنا } ( التحريم : 12 ) أي الروح الذي به حياة الخلق ، أي خلق الذي يكون به حياة الخلق على ما ذكرنا .

وقوله تعالى : { فقعوا له ساجدين } يحتمل أن يكون قوله { إني خالق بشرا } مما ذكر خبرا {[9846]} أنه سيفعل ، وأمرا {[9847]} لهم بالسجود [ فيكون الأمر بالسجود ]{[9848]} بعد ما خلقه إياه . فهذا يدل أنه قد يجوز تقدم الأمر عن وقت الفعل ، والله أعلم .


[9842]:ساقطة من الأصل وم.
[9843]:في الأصل وم: و.
[9844]:في م: فهم نفخة من، ساقطة من الأصل.
[9845]:في الأصل وم: وأمثاله.
[9846]:في الأصل وم: خبر.
[9847]:في الأصل وم: أمر.
[9848]:من م،ـ ساقطة من الأصل.