المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ فِي ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلۡعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

70- لهم متاع في الدنيا يغترون به ، وهو قليل ، طال أو قصر ، بجوار ما يستقبلهم . ثم إلينا مرجعهم ، فنحاسبهم ونذيقهم العذاب المؤلم بسبب كفرهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ فِي ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلۡعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

وقوله - سبحانه - { مَتَاعٌ في الدنيا } بيان لتفاهة ما يحرصون عليه من شهوات الحياة الدنيا ، وهو خبر لمبتدأ محذوف .

أى : أن ما يتمتعون به في الدنيا من شهوات وملذات ، هو متاع قليل مهما كثر ، لأنه إلى فناء واندثار .

ثم بين - سبحانه - سوء مصيرهم بعد أن غرتهم الدنيا بشهواتها فقال : { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العذاب الشديد بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } .

أى : ثم إلينا لا إلى غيرنا مرجعهم يوم القيامة ، ثم نحاسبهم حساباً عسيراً على أقوالهم الذميمة ، وأفعالهم القبيحة ، ثم نذيقهم العذاب الشديد بسبب كفرهم بآياتنا ، وتكذيبهم لنبينا - صلى الله عليه وسلم - .

وبذلك رنى أن هذه الآيات الكريمة ، قد مدحت أولياء الله الصالحين ، وبشرتهم بالسعادة الدنيوية والأخروية ، وأقامت الأدلة على قدرة الله النافذة ورحمته الواسعة ، وردت على افتراءات المشركين بما يبطل أقوالهم ، ويفضح مزاعمهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ فِي ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلۡعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

{ متاع في الدنيا } خبر مبتدأ محذوف أي افتراؤهم متاع في الدنيا يقيمون به رئاستهم في الكفر أو حياتهم أو تقلبهم ، { متاع } مبتدأ خبره محذوف أي لهم تمتع في الدنيا . { ثم إلينا مرجعهم } بالموت فيلقون الشقاء المؤبد . { ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون } بسبب كفرهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَتَٰعٞ فِي ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلۡعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

جملة : { متاعٌ في الدنيا } استئناف بياني ، لأن القضاء عليه بعدم الفلاح يتوجه عليه أن يسأل سائل كيف نراهم في عزة وقدرة على أذى المسلمين وصد الناس عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيجاب السائل بأن ذلك تمتيع في الدنيا لا يَعبأ به ، وإنما عدم الفلاح مظهره الآخرة ، ف { متاع } خبر مبتدأ محذوف يعلم من الجملة السابقة ، أي أمرهم متاع .

والمتاع : المنفعة القليلة في الدنيا إذ يقيمون بكذبهم سيادتهم وعزتهم بين قومهم ثم يزول ذلك .

ومادة ( متاع ) مؤذنة بأنه غير دائم كما تقدم في قوله تعالى : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } في أوائل سورة الأعراف ( 24 ) .

وتنكيره مؤذن بتقليله ، وتقييده بأنه في الدنيا مؤكد للزوال وللتقليل ، و ( ثم ) من قوله : ثم إلينا مرجعهم } للتراخي الرتبي لأن مضمونه هو محقة أنهم لا يفلحون فهو أهم مرتبة من مضمون لا يفلحون .

والمرجع : مصدر ميمي بمعنى الرجوع . ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى وقت نفاذ حكمه المباشر فيهم .

وتقديم { إلينا } على متعلَّقه وهو المرجع للاهتمام بالتذكير به واستحضاره كقوله : { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة إلى قوله ووجد الله عنده فوفَّاه حسابه } [ النور : 39 ] ويجوز أن يكون المرجع كناية عن الموت .

وجملة : { ثم نذيقهم العذاب الشديد } بيان لجملة : { ثم إلينا مرجعهم } . وحرف ( ثم ) هذا مؤكد لنظيره الذي في الجملة المبينة على أن المراد بالمرجع الحصول في نفاذ حكم الله .

والجمل الأربع هي من المقول المأمور به النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً عن الله تعالى .

وإذاقة العذاب إيصاله إلى الإحساس ، أطلق عليه الإذاقة لتشبيهه بإحساس الذوق في التمكن من أقوى أعضاء الجسم حاسية لمس وهو اللسان .

والباء في { بما كانوا يكفرون } للتعليل .

وقوله : { كانوا يكفرون } يؤذن بتكرر ذلك منهم وتجدده بأنواع الكفر .