فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مَتَٰعٞ فِي ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلۡعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

ثم بين سبحانه أن هذا الافتراء وإن فاز صاحبه بشيء من المطالب العاجلة فهو { متاع } قليل { في الدنيا } ثم يتعقبه الموت والرجوع إلى الله ، فيعذب المفتري عذابا مؤبدا ، والجملة مستأنفة لبيان أن ما يحصل للمفتري بافترائه وما يتراءى فيه بحسب الظاهر من نيل المطالب والحظوظ الدنيوية بمعزل أن يكون من جنس الفلاح وليس بفائدة يعتد بها بل هو متاع يسير في الدنيا يتعقبه الموت والعذاب الشديد بسبب الكفر الحاصل بأسباب من جملتها الكذب على الله ، وليس بنافع في الآخرة وقال الأخفش : إن التقدير لهم متاع في الدنيا وقال الكسائي : ذلك متاع أو هو متاع .

{ ثم إلينا مرجعهم } بعد الموت { ثم نذيقهم العذاب الشديد بما } أي بسبب ما { كانوا يكفرون } أي يجحدون في الدنيا من نعمة الله عليهم ويصفونه بما لا يليق بجلاله .

ولما بالغ سبحانه في تقرير البراهين الواضحة ودفع الشبه المنهارة شرع في ذكر قصص الأنبياء وما جرى لهم مع أممهم لما في ذلك من التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والأسوة بمن سلف من الأنبياء ولما كان قوم نوح أول الأمم هلاكا وأعظمهم كفرا وجحودا ذكر الله قصتهم وأنه أهلكهم بالغرق ليصير ذلك موعظة وعبرة لكفار قريش فقال :