المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

10- قال زكريا : رب اجعل لي علامة تدل علي حصول ما بشرت به . قال الله تعالي : علامتك أن تُحبس عن الكلام ثلاث ليال ، وأنت سليم الحواس واللسان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما التمسه زكريا - عليه السلام - من خالقه فقال : { قَالَ رَبِّ اجعل لي آيَةً . . . } .

أى : اجعل لى علامة أستدل بها على وقوع ما بشرتنى به ، لأزداد سروراً واطمئناناً . ولأعرف الوقت الذى تحمل فيه امرأتى بهذا الغلام فأكثر من شكرك وذكرك .

فأجابه الله - تعالى - بقوله : { قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } .

أى : قال الله - تعالى - لعبده زكريا : يا زكريا . علامة وقوع ما بشرتك به ، أنك تجد نفسك عاجزاً عن أن تكلم الناس بلسانك ، لمدة ثلاث ليال بأيامهن حال كونك سوى الخلق ، سليم الحواس ليس بك من خرس ، أو بكم ولكنك ممنوع من الكلام بأمرنا وقدرتنا على سبيل خرق العادة .

فقوله : { سَوِيّاً } حال من فاعل " تكلم " وهو زكريا أى : حال كونك يا زكريا سوى الخلق ، سليم الجوارح ، لا علة تمنعك من ذلك سوى قدرتنا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

يقول تعالى مخبرًا عن زكريا ، عليه السلام ، أنه { قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً } أي : علامة ودليلا على وجود ما وعدتني ، لتستقر نفسي ويطمئن قلبي بما وعدتني كما قال إبراهيم ، عليه السلام : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } الآية [ البقرة : 260 ] . { قَالَ آيَتُكَ } أي : علامتك { أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } أي : أن تحبس{[18694]} لسانك عن الكلام ثلاث ليال وأنت صحيح سوي من غير مرض ولا علة{[18695]}

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، ووهب [ بن منبه ]{[18696]} ، والسدي وقتادة وغير واحد : اعتقل لسانه من غير مرض .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان يقرأ ويسبح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } أي : متتابعات .

والقول الأول عنه وعن الجمهور أصح{[18697]} كما قال تعالى في [ أول ]{[18698]} آل عمران : { قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ } [ آل عمران : 41 ] وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : { ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } من غير خرس .


[18694]:في ف: "تحتبس".
[18695]:في أ: "وعلامة".
[18696]:زيادة من ت، ف، أ.
[18697]:في ف، أ: "واضح".
[18698]:زيادة من أ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

أراد نصب علامة على وقوع الحمل بالغلام ، لأنّ البشارة لم تعيّن زمناً ، وقد يتأخر الموعود به لحكمة ، فأراد زكرياء أن يعلم وقت الموعود به . وفي هذا الاستعجال تعريض بطلب المبادرة به ، ولذلك حذف متعلّق { ءَايَةً } . وإضافة { ءَايَتُكَ } على معنى اللاّم ، أي آية لك ، أي جعلنا علامة لك .

ومعنى { ألاَّ تُكَلِّم النَّاسَ } أن لا تقدر على الكلام ، لأنّ ذلك هو المناسب لكونه آية من قِبَل الله تعالى . وليس المراد نهيَه عن كلام الناس ، إذ لا مناسبة في ذلك للكون آية . وقد قدمنا تحقيق ذلك في سورة آل عمران .

وجعلت مدة انتفاء تكليمه الناس هنا ثلاث ليال ، وجعلت في سورة آل عمران ثلاثة أيام فعلم أنّ المراد هنا ليال بأيامها وأنّ المراد في آل عمران أيام بلياليها .

وأُكد ذلك هنا بوصفها ب { سَوِيّاً } أي ثلاث ليال كاملة ، أي بأيامها .

وسويّ : فعيل بمعنى مفعول ، يستوي الوصف به الواحد والواحدة والمتعدد منهما .

وفسر أيضاً { سَوِيّاً } بأنه حال من ضمير المخاطب ، أي حال كونك سوياً ، أي بدون عاهة الخَرَس والبكَم ، ولكنّها آية لك اقتضتها الحكمة التي بيّناها في سورة آل عمران . وعلى هذا فذكر الوصف لمجرد تأكيد الطمأنينة ، وإلا فإن تأجيله بثلاث ليال كاف في الاطمئنان على انتفاء العاهة .