المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

95- قل - يا محمد - رداً عليهم : لو كان في الأرض بدل البشر ملائكة يمشون فيها كالآدميين مستقرين فيها ، لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا من جنسهم ، ولكن الملائكة لا يكونون كالبشر ، ولو كانوا لجاءوا في صورة البشر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

ولذا أمر الله - تعالى - بأن يرد عليهم بما يزهق هذه الشبهة فقال - سبحانه - { قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً } .

والمعنى : قل - يا محمد - لهؤلاء الجاهلين : لو ثبت ووجد ملائكة فى الأرض ، يمشون على أقدامهم كما يمشى الإِنس ، ويعيشون فوقها { مطمئنين } أى : مستقرين فيها مقيمين بها .

لو ثبت ذلك ، لاقتضت حكمتنا أن نرسل إليهم من السماء ملكًا رسولاً ، يكون من جنسهم ، ويتكلم بلسانهم ، وبذلك يتمكنون من مخاطبته ، ومن الأخذ عنه ، ومن التفاهم معه لأن الجنس إلى الجنس أميل ، والرسول يجب أن يكون من جنس المرسل إليهم ، فلو كان المرسل إليهم ملائكة ، لكان الرسول إليهم ملكًا مثلهم ، ولو كان المرسل إليهم من البشر ، لكان الرسول إليهم بشرًا مثلهم .

فكيف تطلبون أيها الجاهلون - أن يكون الرسول إليكم ملكًا ، وتستبعدون أن يكون بشرًا مع أنكم من البشر ؟ ! !

قال الآلوسى : " قوله : { لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً } أى : يعلمهم ما لا تستقل عقولهم بعلمه ، وليسهل عليهم الاجتماع به ، والتلقى منه ، وأما عامة البشر فلا يسهل عليهم ذلك ، لبعد ما بين الملك وبينهم . . . " .

وهذا المعنى الذى وضحته الآية الكريمة - وهو أن الرسول يجب أن يكون من جنس المرسل إليهم - قد جاء ما يشبهه ويؤكده فى آيات كثيرة منها قوله - تعالى - : { وَقَالُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } وقوله - سبحانه - : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } وقوله - عز وجل : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ . . . }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

ثم قال تعالى منبهًا على لطفه ورحمته بعباده : أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم ، ليفقهوا عنه ويفهموا منه ، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته ، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه ، كما قال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [ آل عمران : 164 ] ، وقال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] ، وقال تعالى : { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } [ البقرة : 151 ، 152 ] ؛ ولهذا قال هاهنا : { لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ } أي : كما أنتم فيها { لَنزلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولا } أي : من جنسهم ، ولما كنتم أنتم بشرًا ، بعثنا فيكم رسلنا{[17851]} منكم لطفًا ورحمة .


[17851]:في ت: "رسلا".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

القول في تأويل قوله تعالى { قُل لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السّمَآءِ مَلَكاً رّسُولاً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء الذين أبوا الإيمان بك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي ، استنكارا لأن يبعث الله رسولاً من البشر : لو كان أيها الناس في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ، لَنَزّلْنَا عليهم من السماء ملَكا رسولاً ، لأن الملائكة إنما تراهم أمثالهم من الملائكة ، ومن خصّه الله من بني آدم برؤيتها ، فأما غيرهم فلا يقدرون على رؤيتها فكيف يبعث إليهم من الملائكة الرسل ، وهم لا يقدرون على رؤيتهم وهم بهيئاتهم التي خلقهم الله بها ، وإنما يرسل إلى البشر الرسول منهم ، كما لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ، ثم أرسلنا إليهم رسولاً أرسلناه منهم ملَكا مثلهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

{ قل } جوابا لشبهتهم . { لو كان في الأرض ملائكة يمشون } كما يمشي بنو آدم . { مطمئنين } ساكنين فيها . { لنزّلنا عليهم من السماء ملَكاً رسولا } لتمكنهم من الاجتماع به والتلقي منه ، وأما الإنس فعامتهم عماة من إدراك الملك والتلقف منه ، فإن ذلك مشروط بنوع من التناسب والتجانس ، وملكيا يحتمل أن يكون حالا من رسول وأن يكون موصوفا به وكذلك بشرا والأول أوفق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

وقوله تعالى : { وما منع الناس أن يؤمنوا } هذه الآية على معنى التوبيخ والتلهف من النبي عليه السلام والبشر ، كأنه يقول متعجباً منهم ما شاء الله كان ، ما نمنع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا هذه العلة النزرة{[7712]} والاستبعاد الذي لا يستند إلى حجة ، وبعثة البشر رسلاً غير بدع ولا غريب ، فيها يقع الإفهام والتمكن من النظر كما { لو كان في الأرض ملائكة } يسكنونها { مطمئنين } ، أي وادعين فيها مقيمين لكان الرسول إليهم من الملائكة ليقع الإفهام ، وأما البشر فلو بعث إليهم ملك لنفرت طباعهم من رؤيته ، ولم تحتمله أبصارهم ولا تجلدت له قلوبهم ، وإنما أراد الله جري أحوالهم على معتادها .


[7712]:التافهة.

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

معنى قوله : { لو كان في الأرض ملائكة يمشون } الخ : أن الله يرسل الرسول للقوم من نوعهم للتمكين من المخالطة لأن اتحاد النوع هو قوام تيسير المعاشرة ، قال تعالى : { ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلاً } [ الأنعام : 9 ] ، أي في صورة رجل ليمكن التخاطب بينه وبين الناس .

وجملة { يمشون } وصف ل { ملائكة } .

و { مطمئنين } حال . والمطمئن : الساكن . وأريد به هنا المتمكن غير المضطرب ، أي مشي قرار في الأرض ، أي لو كان في الأرض ملائكة قاطنون على الأرض غير نازلين برسالة للرسل لنزلنا عليهم ملكاً .

ولما كان المشي والاطمئنان في الأرض من صفة الإنسان آل المعنى إلى : لو كنتم ملائكة لنزلنا عليكم من السماء ملكاً فلما كنتم بشراً أرسلنا إليكم بشراً مثلكم .

ومجيء الهدى هو دعوة الرسل إلى الهُدى .