إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُل لَّوۡ كَانَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓئِكَةٞ يَمۡشُونَ مُطۡمَئِنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكٗا رَّسُولٗا} (95)

{ قُلْ } لهم أولاً من قِبلنا تبييناً للحكمة وتحقيقاً للحق المُزيحِ للرَّيب { لَّوْ كَانَ } أي لو وجد واستقر { في الأرض } بدل البشر { ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ } قارّين فيها من غير أن يعرُجوا في السماء ويعلموا ما يجب أن يُعلم { لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السماء مَلَكًا رَّسُولاً } يهديهم إلى الحق ويُرشِدُهم إلى الخير لتمَكُّنهم من الاجتماع والتلقي منه ، وأما عامةُ البشر فهم بمعزل من استحقاق المفاوضةِ الملكية فكيف لا وهي منوطةٌ بالتناسب والتجانس ، فبعثُ الملكِ إليهم مزاحِمٌ للحكمة التي عليها مبنى التكوينِ والتشريع ، وإنما يُبعث الملَك من بينهم إلى الخواصّ المختصين بالنفوس الزكية المؤيَّدين بالقوة القُدسية المتعلقين بكِلا العالَمَين الروحاني والجُسماني ليتلقَّوا من جانب ويُلْقوا إلى جانب ، وقوله تعالى : { مَلَكًا } يحتمل أن يكون حالاً من رسولاً وأن يكون موصوفاً به وكذلك بشراً في قوله تعالى : { أَبَعَثَ الله بَشَرًا رَّسُولاً } والأولُ أولى .