ثم بين - سبحانه - أن الإِحياء والإِماتة بيده وحده ، فقال - تعالى - : { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الوارثون } .
أى : وإنا وحدنا القادرون على إيجاد الحياة في المخلوقات ، والقادرون على سلبها عنها ، ونحن الوارثون لهذا الكون بعد فنائه ، الباقون بعد زواله .
قال - تعالى - { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا المصير } وقال - تعالى - { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } وشبه - سبحانه - بقاءه بعد زوال كل شيء سواه بالوارث ، لأن الوارث هو الذي يرث غيره بعد موته .
وأكد - سبحانه - الآية الكريمة بإن واللام وضمير الفصل { نحن } تحقيقا للخبر الذى اشتملت عليه ، ورداً على المشركين الذين زعموا أنه لا حياة ولا ثواب ولا عقاب بعد الموت .
ثم يتم السياق رجع كل شيء إلى الله ، فيرد إليه الحياة والموت ، والأحياء والأموات ، والبعث والنشور .
( وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون . ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين . وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم ) . .
وهنا يلتقي المقطع الثاني بالمقطع الأول . فهناك قال :
( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ، ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) . .
وهنا يقرر أن الحياة والموت بيد الله ، وأن الله هو الوارث بعد الحياة .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإنّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ * وَإِنّ رَبّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } .
يقول تعالى ذكره : وإنّا لَنَحْنُ نُحْيي من كان ميتا إذا أردنا ونُمِيتُ من كان حيّا إذا شئنا . وَنحْنُ الوَارِثُونَ يقول : ونحن نرث الأرض ومن عليها بأن نميت جميعهم ، فلا يبقى حيّ سوانا إذا جاء ذلك الأجل .
لما جرى ذكر إنزال المطر وكان مما يسبق إلى الأذهان عند ذكر المطر إحياءُ الأرض به ناسب أن يذكر بعده جنس الإحياء كله لما فيه من غرض الاستدلال على الغافلين عن الوحدانية ، ولأن فيه دليلاً على إمكان البعث . والمقصود ذكر الإحياء ولذلك قُدم . وذكر الإماتة للتكميل .
والجملة عطف على جملة { ولقد جعلنا في السماء بروجا } [ سورة الحجر : 16 ] للدلالة على القدرة وعموم التصرف .
وضمير نَحْن ضمير فصل دخلت عليه لام الابتداء . وأكد الخبر ب ( إنّ ) واللاّم وضمير الفصل لتحقيقه وتنزيلاً للمخاطبين في إشراكهم منزلة المنكرين للإحياء والإماتة .
والمراد بالإحياء تكوين الموجودات التي فيها الحياة وإحياؤهها أيضاً بعد فناء الأجسام . وقد أدمج في الاستدلال على تفرد الله تعالى بالتصرف إثبات البعث ودفع استبعاد وقوعه واستحالتهِ .
ولما كان المشركون منكرين نوعاً من الإحياء كان توكيد الخبر مستعملاً في معنييه الحقيقي والتنزيلي .
وجملة { ونحن الوارثون } عطف على جملة { وإنا لنحن نحي ونميت } .
ومعنى الإرث هنا البقاء بعد الموجودات تشبيهاً للبقاء بالإرث وهو أخذ ما يتركه الميت من أرض وغيرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.