{ وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ } بإيجاد الحياة في بعض الأجسام القابلة لها { وَنُمِيتُ } بإزالتها عنها فالحياة صفة وجودية وهي كما قيل صفة تقتضي الحس والحركة الإرادية والموت زوال تلك الصفة ، وقال بعضهم : إنه صفة وجودية تضاد الحياة لظاهر قوله تعالى : { الذى خَلَقَ الموت } [ الملك : 2 ] وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك ، وقد يعمم الأحياء والإماتة بحيث يشمل الحيوان والنبات مثل أن يقال : المراد إعطاء قوة النماء وسلبها ، وتقديم الضمير للحصر ، وهو إما توكيد للأول ومبتدأ خبره الجملة بعده والمجموع خبر لأنا ، وجوز كونه ضمير فصل ورده أبو البقاء بوجهين :
أحدهما : أنه لا يدخل على الخبر الفعلي والثاني : أن اللام لا تدخل عليه ، وتعقب ذلك في «الدر المصون » بأن الثاني غلط فإنه ورد دخول اللام عليه في قوله تعالى : { إِنَّ هذا لَهُوَ القصص الحق } [ آل عمران : 62 ] ودخوله على المضارع مما ذهب إليه الجرجاني وبعض النحاة ، وجعلوا من ذلك قوله تعالى : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىء وَيُعِيدُ } [ البروج : 13 ] ولعل ذلك المجوز ممن يرى هذا الرأي والعجب من أبي البقاء فإنه رد ذلك هنا وجوزه في قوله تعالى : { وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } [ فاطر : 10 ] كما نقله في «المغني » .
{ وَنَحْنُ الوارثون } أي الباقون بعد فناء الخلق قاطبة لمالكون للملك عند انقضاء زمان الملك المجازي ، الحاكمون في الكل أولاً وآخراً وليس لأحد إلا التصرف الصوري والملك المجازي وفي هذا تنبيه على أن المتأخر ليس بوارث للمتقدم كما يتراآى من ظاهر الحال ، وتفسير الوارث بالباقي مروي عن سفيان وغيره ، وفسر بذلك في قوله عليه الصلاة والسلام : " اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا " وهو من باب الاستعارة .
( ومن باب الإشارة ) :{ وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ } القلوب بماء العلم والمشاهدة { وَنُمِيتُ } النفوس بالجد والمجاهدة ، وقيل : نحيي بالعلم ونميت بالإفناء في الوحدة ؛ وقيل : نحيي بمشاهدتنا قلوب المطيعين من موت الفراق ونميت نفوس المريدين بالخوف منا وقهر عظمتنا عن حياة الشهوات ، وقال الواسطي : نحيي من نشاء بنا ونميت من نشاء عنا ، وقال الوراق : نحيي القلوب بنور الايمان ونميت النفوس باتباع الشيطان ؛ وقيل وقيل : { وَنَحْنُ الوارثون } [ الحجر : 23 ] للوجود والباقون بعد الفناء
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.