اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِنَّا لَنَحۡنُ نُحۡيِۦ وَنُمِيتُ وَنَحۡنُ ٱلۡوَٰرِثُونَ} (23)

قوله تعالى : { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ } الآية ، هاذ النَّوع السادس من دلائل التوحيد ، وهو الاستدلال بالإحياء ، والإماتةِ على وجودِ الإلهِ القادر المختار .

قوله : " لَنَحْنُ " يجوز أن يكون مبتدأ ، و " نُحْيِي " خبره ، والجملة خبر " إنا " ويجوز أن يكون تأكيداً ل " نَا " في " إنّا " ، ولا يجوز أ ، يكون فصلاً ؛ لأنه لم يقع بين اسمين ، وقد تقدم نظيره [ الحجر : 9 ] .

وقال أبو البقاء{[19502]} : لا يكون فصلاً لوجهين :

أحدهما : أن بعده فعلاً .

والثاني : أنَّ معه اللام .

قال شهابُ الدِّين{[19503]} -رحمه الله- : " الوجه الثاني : غلطٌ ؛ فإن لام التوكيد لا يمنع دخولها على الفصل ، نصَّ النحاة على ذلك ، ومنه قوله { إِنَّ هذا لَهُوَ القصص الحق } [ آل عمران : 62 ] ، جوَّزوا فيه الفصل مع إقرانه باللام " .

فصل

من العلماءِ من حمل الأحياء على القدرِ المشتركِ بين إحياءِ النبات والحيوان ، ومنهم من قال : وصف النبات بالإحياء مجاز ؛ فوجب تخصيصه بإحياء الحيوان ، وقوله -جل ذكره- : { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ } يفيد الحصر ، أي : لا قدرة على الإحياء والإماتة إلا لنا ، " ونَحْنُ الوَارثُونَ " إذا مات جميع الخلائق ، فحينئذٍ يزول ملك كلِّ أحدٍ ، ويكون الله –سبحانه- هو الباقي المالك لكلِّ المملوكات ، وحده لا شريك له ، فكان شبيهاً بالإرثِ .


[19502]:ينظر: الإملاء 2/73.
[19503]:ينظر: الدر المصون 4/294.