ثم نرى السورة بعد ذلك تسوق لنا ما أعده الله للمؤمنين بعد أن بينت فيما سبق عاقبة الكافرين فقال - تعالى - : { والذين آمَنُواْ . . . } .
أى : والذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وعملوا الأعمال الصالحة التي لا عسر فيها ولا مشقة ، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، أولئك الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، هم أصحاب الجنة هم فيها خالدون .
وجملة - لا نكلف نفساً إلا وسعها - معترضة بين المبتدأ الذي هو قوله : { والذين آمَنُواْ } وبين الخبر الذي هو قوله : { أولئك أَصْحَابُ الجنة } .
قال الجمل : " وإنما حسن وقوع هذا الكلام بين المبتدأ والخبر ، لأنه من جنس هذا الكلام ، لأنه - سبحانه - لما ذكر عملهم الصالح ، ذكر أن ذلك العلم من وسعهم وطاقتهم وغير خارج عن قدرتهم ، وفيه تنبيه للكفار على أن الجنة مع عظم قدرها ، يتوصل إليها بالعمل السهل من غير مشقة ولا صعوبة " .
وقال صاحب الكشاف : " وجملة { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } معترضة بين المبتدأ والخبر ، للترغيب في اكتساب ما لا يكتنهه وصف الواصف من النعيم الخالد مع التعظيم بما هو في الوسع ، وهو الإمكان الواسع غير الضيق من الإيمان والعمل الصالح " .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لاَ نُكَلّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .
يقول جلّ ثناؤه : والذين صدّقوا الله ورسوله وأقرّوا بما جاءهم به من وحي الله وتنزيله وشرائع دينه ، وعملوا ما أمرهم الله به فأطاعوه وتجنبوا ما نهاهم عنه . لا نُكَلّفُ نَفْسا إلاّ وُسْعَها يقول : لا نكلف نفسا من الأعمال إلاّ ما يسعها فلا تَحْرَجَ فيه أولَئِكَ يقول : هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أصْحَابُ الجَنّةِ يقول : هم أهل الجنة الذين هم أهلها دون غيرهم ممن كفر بالله ، وعمل بسيئاتهم فيها خالِدُونَ يقول : هم في الجنة ماكثون ، دائم فيها مكثهم لا يخرجون منها ولا يُسْلَبون نعيمهم .
وقوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية ، هذه آية وعد مخبرة أن جميع المؤمنين هم أصحاب الجنة ولهم الخلد فيها ، ثم اعترض أثناء القول بعقب الصفة ، التي شرطها في المؤمنين باعتراض يخفف الشرط ويرجى في رحمة الله ويعلم أن دينه يسر وهذه الآية نص في أن الشريعة لا يتقرر من تكاليفها شيء لا يطاق ، وقد تقدم القول في جواز تكليف ما لا يطاق وفي وقوعه بمغن عن الإعادة ، و «الوسع » معناه الطاقة وهو القدر الذي يتسع له قدر البشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.