التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

ثم نرى السورة بعد ذلك تسوق لنا ما أعده الله للمؤمنين بعد أن بينت فيما سبق عاقبة الكافرين فقال - تعالى - : { والذين آمَنُواْ . . . } .

أى : والذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وعملوا الأعمال الصالحة التي لا عسر فيها ولا مشقة ، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، أولئك الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، هم أصحاب الجنة هم فيها خالدون .

وجملة - لا نكلف نفساً إلا وسعها - معترضة بين المبتدأ الذي هو قوله : { والذين آمَنُواْ } وبين الخبر الذي هو قوله : { أولئك أَصْحَابُ الجنة } .

قال الجمل : " وإنما حسن وقوع هذا الكلام بين المبتدأ والخبر ، لأنه من جنس هذا الكلام ، لأنه - سبحانه - لما ذكر عملهم الصالح ، ذكر أن ذلك العلم من وسعهم وطاقتهم وغير خارج عن قدرتهم ، وفيه تنبيه للكفار على أن الجنة مع عظم قدرها ، يتوصل إليها بالعمل السهل من غير مشقة ولا صعوبة " .

وقال صاحب الكشاف : " وجملة { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } معترضة بين المبتدأ والخبر ، للترغيب في اكتساب ما لا يكتنهه وصف الواصف من النعيم الخالد مع التعظيم بما هو في الوسع ، وهو الإمكان الواسع غير الضيق من الإيمان والعمل الصالح " .