المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّضِلٍّۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٖ ذِي ٱنتِقَامٖ} (37)

37- ومن يرشده الله إلى الحق ويوفقه إليه - لعلمه أنه يختار الهدى على الضلالة - فما له من مضل ينحرف به عن سبيل الرشاد ، أليس الله بمنيع الجناب ، ذي انتقام شديد ، فيحفظ أولياءه من أعدائه ؟ .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّضِلٍّۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٖ ذِي ٱنتِقَامٖ} (37)

{ وَمَن يَهْدِ الله } أى : ومن يهده الله - تعالى - إلى طريق الحق والصواب .

{ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } أى : فما له من أحد كائنا من كان يستطيع إضلاله .

{ أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ ذِي انتقام } بلى إنه - سبحانه - لعزيز لا يغلبه غالب ، ولا يمانعه مانع ، ولا ينازعه منازع . ولذو انتقام شديد من أعدائه ، ولا يستطيع أحد أن يمنع انتقامه منهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّضِلٍّۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٖ ذِي ٱنتِقَامٖ} (37)

اختلفت القرّاء في قراءة : ألَيْسَ اللّهُ بكافٍ عَبْدَهُ فقرأ ذلك بعض قراء المدينة وعامة قرّاء أهل الكوفة : «ألَيْسَ اللّهُ بكافٍ عِبادَهُ » على الجماع ، بمعنى : أليس الله بكاف محمدا وأنبياءه من قبله ما خوفتهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة ، وبعض قرّاء الكوفة : بكافَ عَبْدَهُ على التوحيد ، بمعنى : أليس الله بكاف عبده محمدا .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قَرَأةِ الأمصار . فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب لصحة مَعْنَيَيْهَما واستفاضة القراءة بهما في قَرَأةِ الأمصار . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدّيّ ألَيْسَ اللّهُ بكافٍ عِبدَهُ يقول : محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ألَيْسَ اللّهُ بِكافٍ عَبدَهُ قال : بلى ، والله ليكفينه الله ويعزّه وينصره كما وعده .

وقوله : ويُخَوّفُونَكَ بالّذِينَ مِنْ دُونِهِ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ويخوّفك هؤلاء المشركون يا محمد بالذين من دون الله من الأوثان والاَلهة أن تصيبك بسوء ، ببراءتك منها ، وعيبك لها ، والله كافيك ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ويُخَوّفُونَكَ بالّذِينَ مِنْ دُونِهِ الاَلهة ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى شعب بسُقام ليكسر العزّى ، فقال سادِنُها ، وهو قيّمها : يا خالد أنا أحذّركها ، إن لها شدّة لا يقوم إليها شيء ، فمشى إليها خالد بالفأس فهشّم أنفها .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ويُخَوفُونَكَ بالّذِينَ مِنَ دُونِهِ يقول : بآلهتهم التي كانوا يعبدون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ويُخَوّفُونَكَ بالّذِينَ مِنْ دُونِهِ قال : يخوّفونك بآلهتهم التي من دونه .

وقوله : وَمَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هاد يقول تعالى ذكره : ومن يخذله الله فيضلّه عن طريق الحق وسبيل الرشد ، فما له سواه من مرشد ومسدّد إلى طريق الحقّ ، وموفّق للإيمان بالله ، وتصديق رسوله ، والعمل بطاعته وَمَنْ يَهْدِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلّ يقول : ومن يوفّقه الله للإيمان به ، والعمل بكتابه ، فما له من مضلّ ، يقول : فما له من مزيغ يزيغه عن الحقّ الذي هو عليه إلى الارتداد إلى الكفر ألَيسَ اللّهُ بعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ يقول جل ثناؤه : أليس الله يا محمد بعزيز في انتقامه من كفرة خلقه ، ذي انتقام من أعدائه الجاحدين وحدانيته .