قوله : { أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ } العامة على توحيد «عَبْده » ، والأَخَوَانِ{[47476]} عِبَادَهُ جمعاً ، وهم الأنبياء وأتباعهم ، وقرئ «بِكَافِي عِبَادِهِ »{[47477]} بالإضافة . ويُكَافِي مضارع كافي عِبَادَهُ نُصب على المفعول{[47478]} به .
ثم المفاعلة{[47479]} هنا تحتمل أن تكون بمعنى «فَعَلَ » نحو : يُجَازِي بمعنى يَجْزِي وبني على لفظ المفاعلة لما تقدم من أن بناء المفاعلة يشعر بالمبالغة لأنه للمغالبة ، ويحتمل أن يكون أصله يُكافيءُ بالهمز من المكافأة بمعنى يَجْزِيهم فخففت الهمزة{[47480]} ، وهذا استفهام تقرير .
قوله : { وَيُخَوِّفُونَكَ } يجوز أن يكون حالاً ؛ إذ المعنى أليس ( اللَّهُ ) كَافِيكَ حالَ تخويفهم إياك بكَذَا كأَنَّ المعنى أنه كافِيهِ في كل حال حتى في هذِهِ الحال ، ويجوز أن تكونَ مستأنفةً{[47481]} .
من قرأ بكافٍ عَبْدَهُ يعني محمداً- صلى الله عليه وسلم - ومن قرأ عباده{[47482]} يعني الأنبياء عليهم ( الصلاة و ) السلام قَصَدَهُمْ قومُهُمْ بالسوء كما قال تعالى : { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } [ غافر : 5 ] وكفاهم{[47483]} اللَّهُ شَرَّ من عاداهم . وقيل{[47484]} : المراد أن الله تعالى كفى نوحاً - عليه ( الصلاة و ) السلام- وإبراهيم النار ويونس ما دفع إليه فهو سبحانه وتعالى كافيك يا محمد كما كفى هؤلاء الرسل قبلك .
وقوله تعالى : { وَيُخَوِّفُونَكَ بالذين مِن دُونِهِ } وذلك أن قريشاً خوفوا النبي - صلى الله عليه وسلم - مُعَادَاةَ{[47485]} الأوثانِ وقالوا : لَتَكُفَّنَّ عن شتم آلهتنا أو ليُصِيبَّنَّكَ منهم خَبَلٌ أو جنونٌ ، فأنزل الله هذه الآية{[47486]} .
ولما شرح الوعد والوعيد والترغيب والترهيب ختم الكلام بخاتمة هي المفصل الحق فقال : { وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَن يَهْدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } أي هذه الدلائل والبينات لا تنفع إلا إذا خص الله العبد بالهداية والتوفيق ، ثم قال : { أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ ذِي انتقام } . وهذا تهديدٌ للكُفَّار{[47487]} .
احتج أهل السنة بهذه الآية على مسألة خلق الأعمال لأن قوله : { وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَن يَهْدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } صريح في ذلك ، وتمسك المعتزلة بقوله أليس الله بعزيز ذِي انتقام ولو كان الخَالق للكفر فيهم هو الله تعالى لكان الانتقام والتهديد غير لائق . والله أعلم{[47488]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.