المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ إِلَّا مَقۡتٗاۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ إِلَّا خَسَارٗا} (39)

39- الله هو الذي جعل بعضكم يخلف بعضاً في تعمير الأرض وتثميرها ، وهو حقيق بالشكر لا بالكفر ، فمن كفر بالله فعليه وزر كفره ، ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضاً وغضباً ، ولا يزيد الكافرين إلا خسراناً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ إِلَّا مَقۡتٗاۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ إِلَّا خَسَارٗا} (39)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك جانباً من مظاهر فضله على عباده ، وأقام الأدلة على وحدانيته وقدرته ، فقال - تعالى - : { هُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ . . . كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } .

وقوله - تعالى - : { هُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأرض } بيان لجانب من فضله - تعالى - على بنى آدم .

و { خَلاَئِفَ } جملة خليفة ، وهو من يخلف غيره .

أى : هو - سبحانه - الذى جعلكم خلفاء فى أرضه ، وملككم كنوزها وخيراتها ومنافعها ، لكى تشكروه على نعمه ، وتخلصوا له العبادة والطاعة .

أو جعلكم خلفاء لمن سبقكم من الأمم البائدة ، فاعتبروا بما أصابهم من النقم بسبب إعراضهم عن الهدى ، واتبعوا ما جاءكم به من رسولكم صلى الله عليه وسلم .

وقوله { فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أى : فمن كفر بالحق الذى جاءه به الرسول صلى الله عليه وسلم واستمر على ذلك ، فعلى نفسه يكون وبال كفره لا على غيره .

{ وَلاَ يَزِيدُ الكافرين كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً } أى : لا يزيدهم إلا بغضاً شديداً من ربهم لهم ، واحتقارهم لحالهم وغضباً عليهم . .

فالمقت : مصدر بمعنى البغض والكراهية ، وكانوا يقولون لمن يتزوج امرأة أبيه وللولد الذى يأتى عن طريق هذا الزواج ، المقتى ، أى : المبغوض .

{ وَلاَ يَزِيدُ الكافرين كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } أى : ولا يزيدهم إصرارهم على كفرهم إلا خسارا وبوارا وهلاكا فى الدنيا والآخرة .

فالآية الكريمة تنفر اشد التنفير من الكفر ، وتؤكد سوء عاقبته ، تارة عن طريق بيان أنه مبغوض من الله - تعالى - ، وتارة عن طريق بيان أن المتلبس به ، لن يزداد إلا خسراناً وبوارا .