السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ إِلَّا مَقۡتٗاۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ إِلَّا خَسَارٗا} (39)

ولما كان من أنشأ شيئاً كان أعلم به قال تعالى : { هو } أي : وحده لا شركاؤكم ولا غيرهم { الذي جعلكم } أيها الناس { خلائف في الأرض } أي : يخلف بعضكم بعضاً ، وقيل : جعلكم أمة واحدة خلفت من قبلها ورأت فيمن قبلها ما ينبغي أن يعتبر به ، وقال القشيري : أهل كل عصر خليفة عمن تقدّمهم فمن قوم هم لسلفهم جمال ومن قوم هم أرذال وأسافل .

تنبيه : خلائف جمع خليفة وهو الذي يقوم بعد الإنسان بما كان قائماً به والخلفاء : جمع خليفة قاله الأصبهاني { فمن كفر فعليه كفره } أي : وبال كفره { ولا } أي : والحال أنه لا { يزيد الكافرين } أي : المغطين للحق { كفرهم } أي : الذي هم ملتبسون به ظانون أنه يسعدهم وهم راسخون فيه غير منتقلين عنه { عند ربهم } أي : المحسن إليهم { إلا مقتاً } أي : غضباً ؛ لأن الكافر السابق كان ممقوتاً { ولا يزيد الكافرين } أي : العريقين في صفة التغطية للحق { كفرهم إلا خساراً } أي : للآخرة ؛ لأن العمر كرأس مال من اشترى به رضا الله تعالى ربح ، ومن اشترى به سخط الله تعالى خسر .