غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَسۡكَنَّـٰهُ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابِۭ بِهِۦ لَقَٰدِرُونَ} (18)

1

النوع الثالث : الاستدلال بنزول الأمطار وإخراج النبات وإنشاء الحيوانات . ونزول المطر عند الظاهرين من أهل الشرع لا يبعد أن يكون من نفس السماء ، وعند أرباب المعقول منهم يراد به إنزاله من جهة السماء قالوا : إنه سبحانه يصعد الأجزاء المائية من البحر بواسطة التبخير فتصير في الجو صافية عذبة زائلة عنها ملوحة البحر ، ثم ينزلها بواسطة السحب وقد سلف في أول البقرة تفصيل ذلك . ومعنى { بقدر } بتقدير يسلمون معه من المضار ويصلون إلى المنافع ، أو بمقدار يوافق حاجاتهم . ومعنى إسكان ماء المطر في الأرض جعله مدداً للينابيع والآبار . وقيل : أراد إثابته في الأرض على ما روي عن ابن عباس أن الأنهار خمسة : سيحون وجيحون ودجلة والفرات والنيل ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة واستودعها الجبال وأجراها في الأرض . { وإنا على ذهاب به لقادرون } أي كما قدرنا على إنزاله فنحن قادرون على أن نذهب به بوجه من الوجوه . ولهذا التنكير حسن موقع لا يخفى إذ فيه إيذان على أن الذاهب به قادر على أي وجه أراد به ، وفيه تحذير من كفران نعمة الماء وتخويف من نفاذه إذا لم يشكر .

/خ30