محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَـٰٓإِبۡرَٰهِيمُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَآۖ إِنَّهُۥ قَدۡ جَآءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ وَإِنَّهُمۡ ءَاتِيهِمۡ عَذَابٌ غَيۡرُ مَرۡدُودٖ} (76)

[ 76 ] { يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود 76 } .

{ يا إبراهيم } أي قيل له : يا إبراهيم { أعرض عن هذا } أي الجدال { إنه قد جاء أمر ربك } أي حكمه بهلاكهم { وإنهم آتيهم عذاب غير مردود } أي بجدال ، ولا بدعاء ، ولا بغيرهما .

فوائد :

قال بعض المفسرين : لهذه الآيات ثمرات : وهي أن حصول الولد المخصص بالفضل نعمة ، وهلاك العاصي نعمة ، لأن البشرى قد فسرت بولادة إسحاق ، كما في آخر الآية وهي{[4872]} : { فبشرناها بإسحاق . . . } الخ وفسرت بهلاك قوم لوط .

ومنها : استحباب نزول المبشر على المبشر ، لأن الملائكة أرسلهم الله بذلك .

ومنها : أنه يستحب للمبشر تلقي ذلك بالطاعة ، شكرا لله تعالى على ما بشر به .

وحكى الأصم أنهم جاؤوه في أرض يعمل فيها ، فلما فرغ غرز مسحاته ، وصلى ركعتين .

ومنها : أن السلام مشروع ، وأنه ينبغي أن يكون الرد أفضل ، لقول إبراهيم : { سلام } بالرفع ، كما تقدم سره انتهى .

/ ومنها : مشروعية الضيافة ، والمبادرة إليها ، واستحباب مبادرة الضيف بالأكل منها .

ومنها : استحباب خدمة الضيف ، ولو للمرأة ، لقول مجاهد : { وامرأته قائمة } أي في خدمة أضياف إبراهيم . قال في ( الوجيز ) : وكنّ لا يحتجبن كعادة العرب ونازلة البوادي ، أو كانت عجوزا ، وخدمة الضيفان من مكارم الأخلاق .

ومنها : جواز مراجعة المرأة الأجانب في القول ، وأن صوتها ليس بعورة . كذا في ( الإكليل ) .

ومنها : أن امرأة الرجل من أهل بيته ، فيكون أزواجه عليه الصلاة والسلام من أهل بيته . ويأتي ذلك أيضا في آية{[4873]} : { فأسر بأهلك } .


[4872]:[11 / هود / 71].
[4873]:[11 / هود / 81] و [15 / الحجر / 65].