محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (14)

( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين14 ) .

( ومن يعص الله ورسوله ) في قسمة المواريث وغيرها ( ويتعد حدوده ) بتجاوز أحكامه وفرائضه بالميل والجور ( يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) أي لكونه غير ما حكم الله به ، وضاد الله في حكمه . وهذا انما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به . ولهذا يجازيه بالاهانة في العذاب الأليم المقيم . وقد روى أبو داود{[1578]} في باب ( الاضرار في الوصية ) من ( سننه ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ان الرجل ليعمل ، أو المرأة ، بطاعة الله ستين سنة . ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية . فتجب لهما النار . وقرأ أبو هريرة : ( من بعد وصية ) . . . . حتى بلغ ، ( وذلك الفوز العظيم ) " . ورواه الترمذي وابن ماجة . ورواه الإمام أحمد{[1579]} بسياق أتم ولفظه : " ان الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة . فاذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله . فيدخل النار . وان الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة . فيعدل في وصيته ، فيختم له بخير عمله . فيدخل الجنة . قال ثم يقول أبو هريرة : واقرؤوا ان شئتم : ( تلك حدود الله ) . إلى قوله : ( عذاب مهين ) " .


[1578]:أخرجه أبو داود في: 17 –كتاب الوصايا، 3 –باب ما جاء في كراهية الاضرار في الوصية، حديث 2867.
[1579]:أخرجه في المسند بالصفحة 278 من الجزء الثاني (طبعة الحلبي).