غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (14)

11

قالت المعتزلة : الآية تدل على القطع بوعيد الفساق وخلودهم وذلك أن التعدي في جميع حدود الله محال ، لأن من حدوده ترك اليهودية والنصرانية والمجوسية ، والتعدي فيها هو الإتيان بجميعها وذلك محال . فإن المراد تعدّي أي حدّ كان ، ولأن الآية مذكورة عقيب قسمة المواريث فيكون المراد التعدي في هذه الحدود ، وأجيب بما مر من أن ذلك مشروط عندكم بعدم التوبة ، فأي مانع لنا من أن نزيد فيه شرطاً آخر وهو عدم العفو . وبأن الآية لعلها مخصوصة بالكافر لأن جميع المعاصي يصح استثناؤها من هذا اللفظ أي : ومن يعص الله في كذا وفي كذا . وذلك لا يتحقق إلا في حق الكافر . نعم يخرج منه ما يخصصه دليل عقلي كما ذكرتم من استحالة الجمع بين اليهودية والنصرانية ، ومما يؤكد كون الآية مخصوصة بالكافر أن قوله : { ومن يعص الله ورسوله } يفيد كونه فاعلاً للمعاصي .

فلو كان المراد من قوله : { ويتعد حدوده } أيضاً ذلك لزم التكرار فوجب حمله على الكفر . وإن سلم أن المراد هو التعدي في حدود المواريث فلعل المراد من التعدي هو اعتقاد كونها لا على وجه الحكمة والصواب ويلزم منه الكفر والله أعلم بمراده .

/خ22