محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

[ 37 ] { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم ( 37 ) } .

{ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم } دائم لا ينقطع . وهذا كما قال تعالى : { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها . . . } الآية{[3016]} . وروى ابن مردويه ، عن يزيد بن صهيب الفقير ، عن جابر بن عبد الله . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة . قال ، فقلت لجابر بن عبد الله ؛ يقول الله : { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها } . قال : اتل أول الآية : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به . . . } الآية ، ألا إنهم الذين كفروا " .

/ وقد روى الإمام أحمد ومسلم{[3017]} هذا الحديث من وجه آخر . عن يزيد الفقير ، عن جابر وهذا أبسط سياقا .

/ زاد ابن أبي حاتم : قال جابر : " أما تقرأ القرآن ؟ قلت : بلى . قد جمعته قال : أليس الله يقول : { ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا }{[3018]} ؟ فهو ذلك المقام ، فإن الله تعالى يحبس أقواما بخطاياهم في النار ما شاء ، لا يكلمهم . فإذا أراد أن يخرجهم أخرجهم " .


[3016]:- [32/ السجدة/ 20] ونصها: {وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون (20)}.
[3017]:- أخرجه مسلم في: 1- كتاب الإيمان، حديث 320 (طبعتنا) ونصه/ عن يزيد الفقير قال: كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج. ثم نخرج على الناس. قال فمررنا على المدينة. فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم، جالس إلى سارية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فإذا هو قد ذكر الجهنميين. قال فقلت له: يا صاحب رسول الله ! ما هذا الذي تحدثون؟ والله يقول: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} [3/ آل عمران/ 192] و: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} [32/ السجدة/ 20] فما هذا الذي تقولون؟ قال فقال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام؟ (يعني الذي يبعثه الله فيه) قلت: نعم. قال: فإنه مقام محمد المحمود الذي يخرج الله به من يخرج. قال ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه. قال، وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم. قال: فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه. فيخرجون كأنهم القراطيس. فرجعنا. قلنا: ويحكم ! أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فرجعنا. فلا، والله ! ما خرج منا غير رجل واحد. [قال في النهاية: عيدان السماسم هو جمع سمسم. وعيدانه تراها، إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها، دقاقا سوداء كأنها محترقة. فشبه بها هؤلاء. قال: وطالما تطلبت هذه اللفظة، وسألت عنها فلم أجد فيها شافيا. قال: وما أشبه أن تكون اللفظة محرفة، وربما كانت عيدان السماسم، وهو خشب أسود كالأبنوس 1هـ. وأما القاضي عياض فقال: لا يعرف معنى السماسم هنا. قال: ولعل صوابه عيدان السماسم، وهو أشبه، وهو عود أسود. وقيل: هو الأبنوس. قال النووي: والمختار أنه السمسم.
[3018]:- [17/ الإسراء/ 79].