تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ} (58)

إن الله وحدَه هو المتكفّل برزقِ هذا الخلق { إِنَّ الله هُوَ الرزاق ذُو القوة المتين } .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ} (58)

{ إِنَّ الله هُوَ الرزاق } الذي يرزق كل مفتقر إلى الرزق لا غيره سبحانه استقلالاً ، أو اشتراكاً ويفهم من ذلك استغناؤه عز وجل عن الرزق { ذُو القوة أَيُّ القوة المتين } شديد القوة ، والجملة تعليل لعدم الإرادة قال الإمام : كونه تعالى هو الرزاق ناظر إلى عدم طلب الرزق لأن من يطلبه يكون فقيراً محتاجا ؛ وكونه عز وجل هو ذو القوة المتين ناظر إلى عدم طلب العمل المراد من قوله سبحانه : { وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } [ الذاريات : 57 ] لأن من يطلبه يكون عاجزاً لا قوة له فكأنه قيل : ما أريد منهم من رزق لأني أنا الرزاق وما أريد منهم من عمل لأني قوي متين ، وكان الظاهر أني أنا الرزاق كما جاء في قراءة له صلى الله عليه وسلم لكن التفت إلى الغيبة ، والتعبير بالاسم الجليل لاشتهاره بمعنى المعبودية فيكون في ذلك إشعار بعلة الحكم ولتخرج الآية مخرج المثل كما قيل ذلك في قوله تعالى : { إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقًا } [ الإسراء : 81 ] والتعبير به على القول بتقدير قل فيما تقدم هو الظاهر ، وتحتاج القراءة الأخرى إلى ما ذكرناه آنفاً ، وآثر سبحانه ذو القوة على القوى قيل : لأن في { ذُو } كما قال ابن حجر الهيثمي وغيره تعظيم ما أضيفت إليه ، والموضوف بها والمقام يقتضيه ولذا جيء بالمتين بعد ولم يكتف به عن الوصف بالقوة ؛ وقال الإمام : لما كان المقصود تقرير ما تقدم من عدم إرادة الرزق وعدم الاستعانة بالغير جيء بوصف الرزق على صيغة المبالغة لأنه بدونها لا يكفي في تقرير عدم إرادة الرزق وبوصف القوة بما لا مبالغة فيه لكفايته في تقرير عدم الاستعانة فإن من له قوة دون الغاية لا يستعين بغيره لكن لما لم يدل ذو القوة على أكثر من أن له تعالى قوة { مَا } زيد الوصف بالمتين وهو الذي له ثبات لا يتزلزل ، ثم قال : إن القوى أبلغ من ذي القوة والعزة أكمل من المتانة وقد قرن الأكمل بالأكمل وما دونه بما دونه في قوله تعالى : { لِيَعْلَمَ الله مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بالغيب إِنَّ الله قَوِىٌّ عَزِيزٌ } [ الحديد : 25 ] وفي قوله تعالى : { إِنَّ الله هُوَ الرزاق } الخ لما اقتضى المقام ذلك ، وقد أطال الكلام في هذا المقام وما أظنه يصفو عن كدر ، وقرأ ابن محيصن الرازق بزنة الفاعل ، وقرأ الأعمش . وابن وثاب المتين بالجر ، وخرج على أنه صفة القوة ، وجاز ذلك مع تذكيره لتأويلها بالاقتدار أو لكونه على زنة المصادر التي يستوي فيها المذكر والمؤنث ، أو لاجرائه مجرى فعيل بمعنى مفعول ، وأجاز أبو الفتح أن يكون صفة لذو وجر على الجوار كقولهم هذا حجر ضب خرب وضعف .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ} (58)

قوله : { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } المتين ، بالرفع على أنه صفة لقوله : { ذو } ويقرأ بالجر على أنه صفة للقوة{[4348]} فالله هو صاحب الرزق والملكوت والقوة وهو المتين أي الشديد القوة{[4349]} .


[4348]:البيان الأنباري جـ 2 ص 393.
[4349]:تفسير الطبري جـ 27 ص 98 والكشاف جـ 4 ص 21 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 238.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ} (58)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إن الله هو الرزاق ذو القوة} يعني البطش... {المتين} يعني الشديد...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: إن الله هو الرزّاق خلقه، المتكفل بأقواتهم،" ذو القوّة المتين"... بمعنى: ذو القوّة الشديد...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

هذا يخرّج على وجهين:

أحدهما: أن الأسباب التي بها يُرزقون، ويصلون إلى الانتفاع بها، هي فعل الله تعالى، وله فيها صُنعٌ؟ صار بذلك رازقا، لولا ذلك لم يصلوا إلى ذلك، وإن كان الخلق هم الذين يكدّون، ويعملون تلك الأسباب والمكاسِب. فإنما أُضيف إليه الرّزق لما أنشأ فعل تلك الأسباب والمكاسب منهم، والله أعلم...

والثاني: يحتمل إضافة الرزق إليه لأنه يرزقُهم بما جعل في تلك الأسباب والمكاسب من اللّطف لا بأنفس الأسباب لأنهم يزرعون، ويطرحون البذر فيها، فيهلك ذلك فيها، وكذلك يسقون الأرض، ويهلك ذلك الماء فيها. ثم إن الله تعالى جعل بلطفه ورحمته في ذلك من اللطف ما يصير ذلك رزقا لهم بعد ذهاب عينه والقوة التي جعلها فيه. وكذلك ما جعل فيه من الصّلاح والنضج والطبخ وما يرجع إلى الإصلاح لذلك والأكل والمضغ والابتلاع ونحو ذلك، ليس في ذلك إلا امتلاء البطن، وفي ذلك فساد، فجعل فيه من القوة ما ينشر في البدن والأطراف قوة، فتبقى بتلك القوة فيه الحياة والبقاء لا بنفس الرّزق، وهو ما وصف الله عز وجل نفسه بقوله: {ن الله هو الرّزّاق ذو القوة المتين} بتلك القوة يحيون، وبها يبقون.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"المتين" ومعناه أنه القوي الذي يستحيل عليه العجز والضعف... ومن فسر "المتين" بالشديد فقد غلط، لان الشديد هو الملتف بما يصعب معه تفكيكه. ووصف القوة بأنها أشد يؤذن بالمجاز، وأنه بمعنى أعظم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وقال لهم: اشتغلوا بما يسعدكم في أنفسكم، ولا أريد أن أصرفكم في تحصيل رزقي ولا رزقكم، وأنا غنيّ عنكم وعن مرافقكم، ومتفضل عليكم برزقكم وبما يصلحكم ويعيشكم من عندي، فما هو إلا أنا وحدي «المتين» الشديد القوة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} تعليلا لما تقدم من الأمرين، فقوله {هو الرزاق} تعليل لعدم طلب الرزق وقوله تعالى: {ذو القوة} تعليل لعدم طلب العمل، لأن من يطلب رزقا يكون فقيرا محتاجا ومن يطلب عملا من غيره يكون عاجزا لا قوة له، فصار كأنه يقول ما أريد منهم من رزق فإني أنا الرزاق ولا عمل فإني قوي...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

تعليل لجملتي {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} [الذاريات: 57] و {الرزق} هنا بمعنى ما يعمّ المال والإِطعام.

والرزاق: الكثير الإِرزاق، والقوةُ: القدرة.

وذو القوة: صاحب القدرة. ومن خصائص (ذو) أن تضاف إلى أمر مهم، فعلم أن القوة هنا قوة خلية من النقائص.

والمتين: الشديد، وهو هنا وصف لذي القوة، أي الشديد القوة، وقد عدّ {المتين} في أسمائه تعالى. قال الغزالي: وذلك يرجع إلى معاني القدرة. وفي « معارج النور» شرح الأسماء « المتينُ: كمال في قوته بحيث لا يعارض ولا يُدانَى.

فالمعنى أنه المستغني غنىً مطلقاً فلا يحتاج إلى شيء، فلا يكون خلقه الخلق لتحصيل نفع له ولكن لعمران الكون وإجراء نظام العمران باتباع الشريعة التي يجمعها معنى العبادة في قوله: {إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].

وإظهار اسم الجلالة في {إن الله هو الرزاق} إخراج للكلام على خلاف مقتضى الظاهر لأن مقتضاه: إني أَنا الرزاق، فعدل عن الإِضمار إلى الاسم الظاهر لتكون هذه الجملة مستقلة بالدلالة لأنها سُيرت مسِير الكلام الجامع والأمثال...

وفي قوله: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} طريق قصر لوجود ضمير الفصل، أي: لا رَزَّاق، ولا ذا قوة، ولا متين إلا الله وهو قصر إضافي، أي دون الأصنام التي يعبدونها.

فالقصر قصر إفراد بتنزيل المشركين في إشراكهم أصنامهم بالله منزلة من يدعي أن الأصنام شركاء لله في صفاته التي منها: الإِرزاق، والقوة، والشدة، فأبطل ذلك بهذا القصر، قال تعالى: {إن الذين تعبدون من دون اللَّه لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند اللَّه الرزق واعبدوه} [العنكبوت: 17]، وقال: {إن الذين تدعون من دون اللَّه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} [الحج: 73].