{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون( 56 )ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون( 57 )إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين( 58 ) } .
ومتابعتك التذكير تؤدى بها أمانة المولى وتنفذ عهده ، وتمضي بها سنته في عباده ، فهو عز وجل خلق عالمي الجن والإنس لينهضوا بالعبادة دون ضدها ، ودون افتقاري إلى شيء كائنا ما كان ، فما أنا في حاجة إلى عبيد يتكسبون لي ، أو أستعين بهم في تهيئة طعام أو ما فوق ذلك أو دونه من أمور : - فكأنه قيل : ما أريد منهم من عين ولا عمل- إني أنا الذي أجري الأرزاق- لا شريك لي في ذلك- أرزق ما تبصرون وما لا تبصرون ، من حيث يعلم العباد ومن حيث لا يعلمون ؛ وما فات دابة رزقها ، ولا نفذت خزائن الخير والرحمة ؛ وإن ربك لصاحب القوة الأبدية الأزلية ، الذي له الاقتدار ؛ الذي لا يفوته شيء ولا يعجزه شيء .
أورد المفسرون أقوالا كثيرة في معنى قول الله سبحانه : { . . ليعبدون } وبعد أن ذكر ابن جرير بعضها قال : وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرنا عن ابن عباس وهو : ما خلقت الجن والإنس إلا لعبادتنا والتذلل لأمرنا ؛ فإن قال قائل : فكيف كفروا وقد خلقهم للتذلل لأمره ؟ ! قيل : إنهم قد تذللوا لقضائه الذي قضاه عليهم ، لأن قضاءه جار عليهم لا يقدرون من الامتناع منه إذا نزل بهم ؛ وإنما خالفه من كفر به في العمل بما أمره به ، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه أه .
أما القرطبي فقد نقل عن علي وابن عباس ، ومجاهد وزيد ، والقشيري والضحاك والفراء والقتبي ، آراء مختلفة . . وعن الكلبي . . إلا ليوحدون ، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء ، وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء ، يدل عليه قوله تعالى : { وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين . . }{[5506]} وقوله –تبارك اسمه- : { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا }{[5507]} وكذا ما جاء في سورة الأنعام : { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين . قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون }{[5508]} ؛ وفي سورة يونس : { . . حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين . فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق . . }{[5509]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.