تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ} (7)

مستخلفين فيه : خلفاء عنه ووكلاء بالتصرف .

هذه السورةُ من السوَر المدنية كما قدّمنا ، وهي تعالج بناء دولة وأمة . وهنا تعالج حالةً واقعة في ذلك المجتمع الإسلامي الجديد ، فيظهر من سياق الحثِّ على البذْل والإيمان أنه كان في المدينة ، إلى جانبِ السابقين من المهاجِرين والأنصار ، فئةٌ من المؤمنين حديثةُ عهدٍ بالإسلام ، لم يتمكن الإيمان في قلوبهم ، ولهم صِلاتُ قرابةٍ ونَسَبٍ مع طائفة المنافقين التي نبتت بعد الهجرة وكانت تكيدُ للإسلام والمسلمين . وكانت هذه المكائد تؤثّر في بعض المسلمين الذين

لم يُدركوا حقيقةَ الإيمان فأنزل الله تعالى هذه الآية والآياتِ التي بعدها يثبّت بها قلوبَ المؤمنين ويحثّهم على البذل والعطاء . فهي تقول :

آمِنوا باللهِ حقَّ الإيمان الصادق ، وأنفِقوا في سبيل الله من المال الذي جعلكم خلفاءَ في التصرّف فيه .

ثم تبين السورة ما أعدّ الله للذين آمنوا وأنفقوا من أجرٍ كبير : { فالذين آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ} (7)

{ 7-11 } { آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }

يأمر تعالى عباده بالإيمان به وبرسوله وبما جاء به ، وبالنفقة في سبيله ، من الأموال التي جعلها الله في أيديهم واستخلفهم عليها ، لينظر كيف يعملون ، ثم لما أمرهم بذلك ، رغبهم وحثهم عليه بذكر ما رتب عليه من الثواب ، فقال : { فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا } أي : جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله ، والنفقة في سبيله ، لهم أجر كبير ، أعظمه [ وأجله ] رضا ربهم ، والفوز بدار كرامته ، وما فيها من النعيم المقيم ، الذي أعده الله للمؤمنين والمجاهدين ، ثم ذكر [ السبب ] الداعي لهم إلى الإيمان ، وعدم المانع منه ، فقال :

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ} (7)

قوله تعالى : { آمنوا بالله ورسوله } يخاطب كفار مكة ، { وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } مملكين فيه : يعني : المال الذي كان بيد غيرهم فأهلكهم وأعطاه قريشاً ، فكانوا في ذلك المال خلفاء عمن مضوا . { فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير . }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ} (7)

ولما قامت الأدلة على تنزيهه سبحانه عن شائبة كل نقص ، وإحاطته بكل صفة كمال ، المقتضي لثبوت أن الملك له ، الموجب قطعاً لتفرده بعموم الإلهية ، المقتضي لإرسال من يريده إلى جميع من في ملكه ، وختم بالعلم بالضمائر التي أجلها الإيمان ، قال آمراً بالإذعان له ولرسوله صلى الله عليه وسلم : { آمنوا } أي أيها الثقلان { بالله } أي الملك الأعظم الذي لا مثل له { ورسوله } الذي عظمته من عظمته . ولما كان الإيمان أساساً ، والإنفاق{[62391]} وجهاً ظاهراً ورأساً ، قال جامعاً بين الأساس الحامل الخفي والوجه الظاهر الكامل البهي : { وأنفقوا } أي في إظهار دينه : ورغبهم في ذلك بطلب اليسير مما أعطاهم الله{[62392]} وزهدهم منه بقوله : { مما جعلكم } أي بقدرته { مستخلفين } أي مطلوباً موجوداً خلافتكم { فيه } وهو له دونكم بما يرضي من استخلفكم في تمهيد سبيله فطيبوا بها نفساً لأنها ليست في الحقيقة لكم وإنما أنتم خزان ، وخافوا من عزلكم من الخلافة بانتزاعها من أيديكم بتولية غيركم أمرها ، إما في حياتكم ، وإما بعد مماتكم ، كما فعل بغيركم حين أوصل إليكم ما وصل من أموالهم ، " فليس لكم منها إلا ما أكلتم فأفنيتم أو لبستم فأبليتم أو تصدقتم فأبقيتم - وفي رواية : فأمضيتم "

وليهن الإنفاق منها عليكم كما يهون على الإنسان النفقة من مال غيره إذا كان أذن له فيه .

ولما أمر بالإنفاق ووصفه بما سهله ، سبب عنه ما يرغب فيه فقال مبالغاً في تأكيد الوعد لما في ارتكابه من العسر بالتعبير عنه بالجملة الاسمية وبناء الحكم{[62393]} على الضمير بالوصف بالكبير وغير ذلك : { فالذين آمنوا } وبين أن هذا خاص بهم لضيق الحال في زمانهم فقال : { منكم وأنفقوا } أي من أموالهم في الوجوه التي ندب إليها على وجه الإصلاح كما دل عليه التعبير بالإنفاق { لهم أجر كبير * } أي لا تبلغ عقولكم حقيقة كبره فاغتنموا الإنفاق في أيام استخلافكم قبل عزلكم وإتلافكم .


[62391]:- من ظ، وفي الأصل: الانطاق.
[62392]:-زيد من ظ.
[62393]:-زيد من ظ.