فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ} (7)

قوله : { آمنوا بالله وَرَسُولِهِ } أي صدقوا بالتوحيد وبصحة الرسالة ، وهذا خطاب لكفار العرب . ويجوز أن يكون خطاباً للجميع ، ويكون المراد بالأمر بالإيمان في حق المسلمين الاستمرار عليه ، أو الازدياد منه . ثم لما أمرهم بالإيمان أمرهم بالإنفاق في سبيل الله فقال : { وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } أي جعلكم خلفاء في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة ، فإن المال مال الله والعباد خلفاء الله في أمواله فعليهم أن يصرفوها فيما يرضيه ، وقيل : جعلكم خلفاء من كان قبلكم ممن ترثونه ، وسينتقل إلى غيركم ممن يرثكم فلا تبخلوا به . كذا قال الحسن وغيره . وفيه الترغيب إلى الإنفاق في سبيل الخير قبل أن ينتقل عنهم ويصير إلى غيرهم . والظاهر أن معنى الآية الترغيب في الإنفاق في الخير ، وما يرضاه الله على العموم ، وقيل : هو خاص بالزكاة المفروضة ، ولا وجه لهذا التخصيص . ثم ذكر سبحانه ثواب من أنفق في سبيل الله فقال : { فالذين ءامَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } أي الذين جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله ، وبين الإنفاق في سبيل الله لهم أجر كبير ، وهو الجنة .

/خ11