فقال الله تعالى : " فاعترفوا بذنبهم " أي بتكذيبهم الرسل . والذنب ها هنا بمعنى الجمع ؛ لأن فيه معنى الفعل . يقال : خرج عطاء الناس أي أعطيتهم . " فسحقا لأصحاب السعير " أي فبعدا لهم من رحمة الله . وقال سعيد بن جبير وأبو صالح : هو واد في جهنم يقال له السحق . وقرأ الكسائي وأبو جعفر " فسحقا " بضم الحاء ، ورويت عن علي . الباقون بإسكانها ، وهما لغتان مثل السحت والرعب . الزجاج : وهو منصوب على المصدر ، أي أسحقهم الله سحقا ، أي باعدهم بعدا . قال امرؤ القيس :
يجول بأطراف البلاد مُغَرّباً *** وتَسْحَقُهُ ريحُ الصَّبَا كلَّ مَسْحَقِ
وقال أبو علي : القياس إسحاقا ، فجاء المصدر على الحذف ، كما قيل :
أي تقديري . وقيل : إن قوله تعالى : " إن أنتم إلا في ضلال كبير " من قول خزنة جهنم لأهلها .
ولما كان هذا الإقرار زائداً في ضررهم ، وإنما كان يكون نافعاً لهم لو قالوه في دار العمل ، وندموا عليه وأقلعوا عنه ، سبب عنه قوله ضاماً - إلى ما تقدم من تعذيب أرواحهم بمقت الملائكة لهم ثم مقتهم لأنفسهم{[66868]} - مقت الله لهم { فاعترفوا } أي بالغوا جامعين إلى مقت الله وملائكته لهم مقتهم لأنفسهم في الاعتراف وهو الإقرار عن معرفة{[66869]} .
ولما كان الذي أوردهم المهالك هو الكفر الذي تفرعت عنه جميع المعاصي ، أفرد فقال تعالى : { بذنبهم } أي في دار الجزاء ، كما كانوا يبالغون في التكذيب في دار العمل ، فلم يكن{[66870]} ينفعهم لفوات محله ، أو أنه لم يجمع الذنب إشارة إلى أنهم كانوا كلهم في المبالغة في التكذيب على حد واحد ، كما قال تعالى :
{ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون }[ الذاريات : 53 ] أو أن الإفراد{[66871]} أشد في التحذير من كثير{[66872]} الذنوب وقليلها{[66873]} حقيرها وجليلها .
ولما كانوا قد أبلغوا في كلتي{[66874]} الدارين في إبعاد أنفسهم عن مواطن الرحمة ، وتسفيلها إلى حال{[66875]} النقمة ، أنتج ذلك وسبب قوله : { فسحقاً } أي بعداً في جهة السفل ، وهو دعاء عليهم مستجاب{[66876]} { لأصحاب } وأظهر تنبيهاً على عظيم توقدها وتغيظها وتهددها فقال : { السعير * } أي الذي قضت عليهم أعمالهم بملازمتها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.