" قل إن أدري أقريب ما توعدون " يعني قيام الساعة . وقيل : عذاب الدنيا ؛ أي لا أدري " فإن " بمعنى " ما " أو " لا " ؛ أي لا يعرف وقت نزول العذاب ووقت قيام الساعة إلا الله ، فهو غيب لا أعلم منه إلا ما يعرفنيه الله . و " ما " في قوله : " ما يوعدون " : يجوز [ أن يكون مع الفعل مصدرا ، ويجوز{[15487]} ] أن تكون بمعنى الذي ويقدر حرف العائد . " أم يجعل له ربي أمدا " أي غاية وأجلا . وقرأ العامة بإسكان الياء من ربي . وقرأ الحرميان وأبو عمرو بالفتح .
ولما كان من المعلوم أنهم إذا سمعوا هذا الوعيد قالوا استهزاء وعمى عن طريق الصواب واستعلاء : متى يكون عجل به ، استأنف قوله جواباً لهم جواب من لا يستخفه عجلة ولا ضجر{[69278]} لأنه لا يخاف الفوت ولا يلحقه ضرر ببقاء العدو واجتهادهم في أذى أوليائه ميبناً ما يجوز على الرسل من أنه يخفى عليهم ما على البشر ويطلعهم الله تعالى على ما يخفي على غيرهم : { قل } أي في جوابهم إن كذبوا بإتيانهم العذاب وسألوا استهزاء منه عن وقت وقوعه أما كونه فلا بد منه لأنه قد برز{[69279]} الوعيد به ممن لا يخلف الميعاد ، وأما تعيين وقته فقد أخفاه سبحانه لأنه{[69280]} أقعد في التهديد وهو{[69281]} معنى قوله : { إن } أي ما { أدري } بوجه من الوجوه وإن عالجت ذلك وتسببت فيه ، وزاد في تقرير خفائه وأنه لا يزال في حيز ما يسأل عنه بصيغة الاستفهام فقال مقدماً ما يخفيهم : { أقريب ما توعدون } أي يكون الآن أو قريباً من هذا الأوان بحيث يتوقع عن قرب{[69282]} { أم } بعيد { يجعل له } أي لهذا الوعي . ولما كان التأخير{[69283]} ربما أفهم تهاوناً بالولي . فقال دافعاً{[69284]} لذلك : { ربي } أي المحسن إليّ إن قدمه أو أخره { أمداً * } أي أجلاً مضروباً عظيماً بكل اعتبار حتى في البعد لا يتأتى مع ذلك أن يكون الآن ولا أن يتوقع دون ذلك الأمد ، فهو في كل حال متوقع فكونوا{[69285]} على غاية الحذر لأنه لا بد من وقوعه فوقوعه{[69286]} لا كلام فيه ، وإنما الكلام في تعيين وقته .
قوله تعالى : { قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا 25 عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا 26 إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا 27 ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا } .
يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المشركين : إنني لا أدري أقريب ما وعدكم ربكم من قيام الساعة ، أم يجعل الله لهذا الميعاد غاية يطول وقتها . أي إنه لا يعلم أيان ميقات الساعة . ولا يعلم إن كان ذلك قريبا أم بعيدا . وهذا يدل على بطلان ما يتداوله كثير من الجهلة من أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤلف تحت الأرض . فمثل هذا القول لا أساس له البتة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.