السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا} (25)

{ قل } أي : لهؤلاء في جوابهم بإتيانهم العذاب وسألوا استهزاء عن وقت وقوعه { إن } أي : ما { أدري } بوجه من الوجوه { أقريب ما توعدون } أي : فيكون الآن أو قريباً من هذا الأوان بحيث يتوقع عن قرب ، وقوله { أم يجعل } أي : أم بعيد يجعل { له } أي : لهذا الوعد { ربي } أي : المحسن إليّ إن قدمه أو أخره { أمداً } أي : أجلاً مضروباً فلا يتوقع دون ذلك الأمد فهو في كل حال متوقع ، فكونوا على غاية الحذر لأنه لا بدّ من وقوعه لا كلام فيه ، وإنما الكلام في تعيين وقته وليس إليّ .

فإن قيل : أليس إنه صلى الله عليه وسلم قال : «بعثت أنا والساعة كهاتين » فكان عالماً بقرب وقوع القيامة فكيف قال هاهنا لا أدري أقريب أم بعيد ؟ أجيب : بأنّ المراد بقرب وقوعه هو أنّ ما بقي من الدنيا أقل مما انقضى ، فهذا القدر من القرب معلوم ، فأمّا معرفة مقدار القرب المرتب وعدم ذلك فغير معلوم .

تنبيه : أقريب خبر مقدّم وما توعدون مبتدأ مؤخر ، ويجوز أن يكون قريب مبتدأ لاعتماده على الاستفهام ، وما توعدون فاعل به ، أي : أقريب الذي توعدون نحو : أقائم أبواك ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بسكونها .