فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا} (25)

{ قل إن } أي ما { أدري أقريب } حصول { ما توعدون } من العذاب أو يوم القيامة أي فيكون واقعا الآن أو قريبا من هذا الأوان بحيث يتوقع عن قريب { أم يجعل له ربي أمدا } أي غاية ومدة فلا يتوقع دون ذلك الأمد ، أمره الله سبحانه أن يقول لهم هذا القول لما قالوا له متى يكون هذا الذي توعدنا به ، ولا يقال إنه صلى الله عليه وسلم قال " بعثت أنا والساعة كهاتين " ( {[1646]} ) فكان عالما بقرب وقوع القيامة ، فكيف قال ههنا لا أدري أقريب الخ لأن المراد بقرب وقوعه الذي علمه هو أن ما بقي من الدنيا أقل مما انقضى ، فهذا القدر من القرب معلوم ، وأما معرفة مقدرا القرب فغير معلوم لا يعلمه إلا الله ، وهو على كل حال متوقع لا كلام فيه ، وإنما الكلام في تعيين وقته وليس إليه صلى الله عليه وآله وسلم ، قال عطاء : يريد أنه لا يعرف يوم القيامة إلا الله سبحانه وحده ، والمعنى أن علم وقت العذاب علم غيب لا يعلمه إلا الله ( {[1647]} ) .


[1646]:قال ابن كثير: وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الحديث الذي يتداوله كثير من الجهلة من أنه عليه الصلاة والسلام لا يؤلّف تحت الأرض، كذب لا أصل له، ولم نره في شيء من الكتب، وقد كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن وقت الساعة، فلا يجيب عنها، ولما تبدّى له جبريل في صورة أعرابي، كان فيما سأله أن قال: يا محمد: فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" وما ناداه ذلك الأعرابي بصوت جهوري فقال: يا محمد متى الساعة؟ قال: "ويحك إنها كائنة فما أعددت لها؟" قال: أما إني لم أعدّ لها كثير صلاة ولا صيام. ولكني أحب الله ورسوله، قال:" فأنت مع من أحببت" قال أنس: فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث.
[1647]:زاد المسير 8/385.