تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

ولمّا أعيت فرعونَ الحيلة ولم يستطع أن يأتي بحجة ضد موسى - قال لقومه : دعوني أقتلُ موسى ، وليدعُ ربه لينقذه ، فإني أخاف عليكم أن يغير دينكم { أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد } .

قراءات :

قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب : أو أن يظهر ، والباقون : وأن يظهر .

وقرأ حفص ونافع ويعقوب وأبو عمرو : يُظهر الفسادَ بضم الياء ونصب الدال . والباقون : يَظهر الفسادُ بفتح الياء ، وبضم الدال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

{ وقَالَ فِرْعَوْنُ } متكبرًا متجبرًا مغررًا لقومه السفهاء : { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } أي : زعم -قبحه الله- أنه لولا مراعاة خواطر قومه لقتله ، وأنه لا يمنعه من دعاء ربه ، ثم ذكر الحامل له على إرادة قتله ، وأنه نصح لقومه ، وإزالة للشر في الأرض فقال : { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ } الذي أنتم عليه { أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ } وهذا من أعجب ما يكون ، أن يكون شر الخلق ينصح الناس عن اتباع خير الخلق هذا من التمويه والترويج الذي لا يدخل إلا عقل من قال الله فيهم : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

ولما أخبر تعالى بفعله بمن تابع موسى عليه السلام ، أخبر عن فعله معه بما علم به أنه عاجز عنه فقال : { وقال فرعون } أي أعظم الكفرة في ذلك الوقت لرؤساء أتباعه عندما علم أنه عاجز عن قتله وملاّه ما رأى منه خوفاً وذعراً ، دافعاً عن نفسه ما يقال من أنه ما ترك موسى عليه السلام مع استهانته به إلا عجزاً عنه ، موهماً أن آله هم الذين يردونه عنه ، وأنه لولا ذلك لقتله : { ذروني } أي اتركوني على أيّ حالة كانت { أقتل موسى } وزاد في إيهام الأغبياء والمناداة على نفسه عند البصراء بالفضيحة بقوله : { وليدع ربه } أي الذي يدعوه ويدعي إحسانه إليه بما يظهر على يديه من هذه الخوارق ، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً إعلاماً بأن الأمر صعب جداً لأنه كان منهم من يوهي أمره بأنه لا يؤثر ما هو فيه شيئاً أصلاً تقرباً إلى فرعون ، وإظهاراً للثبات على متابعته { إني أخاف } أي إن تركته { أن يبدل دينكم } أي الذي أنتم عليه من نسبة الفعل إلى الطبيعة بما يدعو إليه من عبادة إلهه .

ولما ألهبهم بهذا الكلام إلى ممالأتهم له على موسى عليه السلام ، زاد في ذلك بقوله : { وأن يظهر } أي بسببه - على قراءة الجماعة بفتح حرف المضارعة { في الأرض } أي كلها { الفساد * } وقرأ المدنيان والبصريان وحفص بالضم إسناداً إلى ضمير موسى عليه السلام وبنصب الفساد أي بفساد المعائش فإنه إذا غلب علينا قوي على من سوانا ، فسفك الدماء وسبى الذرية ، وانتهب الأموال ، ففسدت الدنيا مع فساد الدين ، فسمى اللعين الصلاح - لمخالفته لطريقته الفاسدة - فساداً كما هو شأن كل مفسد مع المصلحين ، وقرأ الكوفيون ويعقوب " أو أن " بمعنى أنه يخاف وقوع أحد الأمرين : التبديل أو ظهور ما هو عليه مما سماه فساداً ، وإن لم يحصل التبديل عاجلاً فإنه يحصل به الوهن .