فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى } أي اتركوني أن أقتله ، والظاهر من حال اللعين أنه قد استيقن أنه نبي وأن ما جاء به حق ، ولكن كان يخاف إن هم بقتله أن يعالج بالهلاك ، وإنما قال ذلك تمويها وإيهاما أنهم هم المانعون له من قتله ، ولولاهم لقتله ، مع أنه ما منعه إلا ما في نفسه من الفزع الهائل .

وقوله { وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } تجلد منه ، وإظهار لعدم المبالاة ولكنه أخوف الناس منه ، وفي منعه من قتله وجوه ذكرها الخطيب ، أي ليدع الذي يزعم أنه أرسل إلينا ، فليمنعه من القتل إن قدر على ذلك ، أي لا يهولنكم ذلك فإنه لا رب له حقيقة ، بل أنا ربكم الأعلى ، ثم ذكر العلة التي لأجلها أراد أن يقتله فقال :

{ إِنِّي أَخَافُ } إن لم أقتله { أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ } الذي أنتم عليه من عبادة غير الله ويدخلكم في دينه الذي هو عبادة الله وحده { أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ } أي يوقع بين الناس الخلاف والفتنة ، جعل اللعين ظهور ما دعا إليه موسى وانتشاره في الأرض واهتداء الناس إليه فساد ، وليس الفساد إلا ما هو عليه ومن تابعه ، والمعنى أنه لابد من وقوع أحد الأمرين أو وقوع الأمرين جميعا .