{ وَمَا يُلَقَّاهَا } أي : وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة { إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا } نفوسهم على ما تكره ، وأجبروها على ما يحبه الله ، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه ، فكيف بالإحسان ؟ " .
فإذا صبر الإنسان نفسه ، وامتثل أمر ربه ، وعرف جزيل الثواب ، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله ، لا يفيده شيئًا ، ولا يزيد العداوة إلا شدة ، وأن إحسانه إليه ، ليس بواضع قدره ، بل من تواضع للّه رفعه ، هان عليه الأمر ، وفعل ذلك ، متلذذًا مستحليًا له .
{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } لكونها من خصال خواص الخلق ، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة ، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق .
" وما يلقاها " يعني هذه الفعلة الكريمة والخصلة الشريفة " إلا الذين صبروا " بكظم الغيظ واحتمال الأذى . وقيل : الكناية في " يلقاها " عن الجنة ؛ أي ما يلقاها إلا الصابرون ، والمعنى متقارب . " وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " أي نصيب وافر من الخير . قال ابن عباس . وقال قتادة ومجاهد : الحظ العظيم الجنة . قال الحسن : والله ما عظم حظ قط دون الجنة .
ولما كانت هذه الخصلة أمّا جامعاً لجميع مصالح الدين والدنيا قال منبهاً على عظيم فضلها وبديع نبلها حاثاً على الاستظلال بجميع ظلها مشيراً بالبناء للمفعول إلى أنها هي العمدة المقصودة بالذات على وجه منبه على أنها مخالفة لجبلة الإنسان حثاً على الرغبة في طلبها من واهبها { وما يلقّاها } أي يجعل لاقياً لهذه الخصلة التي هي مقابلة الإساءة بأحسن الحسن وهو الإحسان الذي هو أحسن من العفو والحلم والصبر والاحتمال بأن يعلق الله تعالى إرادته على وجه الشدة والمبالغة بإلقائها إليه { إلا الذين صبروا } أي وجدت منهم هذه الحقيقة وركزت في طباعهم ، فصاروا يكظمون الغيظ ويحتملون المكاره ، وكرر إظهار البناء للمفعول للتنبيه على أنه لا قدرة عليها أصلاً إلا بتوفيق الخالق بأمر باطني يقذفه الله في القلب قذفاً وحياً تظهر ثمرته على سائر البدن ، فقال دالاً باعادة النافي على زيادة العظم وعلى أن أصحاب هذه الخصلة على رتبتين كل رتبة منهما مقصودة في نفسها { وما يلقّاها } على ما هي عليه من العظمة { إلا } وأفرد هنا بعد جمع الصابر دلالة على ندرة المستقيم على هذه لخصلة { ذو حظ } أي نصيب وقسم وبخت { عظيم * } أي جليل في الدنيا والآخرة عند الله وعند الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.