الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

قوله تعالى : " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " والأصل يركبونه فحذفت الهاء لطول الاسم{[13221]} وأنه رأس آية . وفي معناه ثلاثة أقوال : مذهب مجاهد وقتادة وجماعة من أهل التفسير ، وروي عن ابن عباس أن معنى " من مثله " للإبل ، خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر ، والعرب تشبه الإبل بالسفن . قال طرفة :

كأن حُدُوجَ المالكية غُدْوَةً *** خلايا سَفِينٍ بالنَّوَاصِفِ من دَدِ{[13222]}

جمع خلية وهي السفينة العظيمة . والقول الثاني أنه للإبل والدواب وكل ما يركب . والقول الثالث أنه للسفن . النحاس : وهو أصحها لأنه متصل الإسناد عن ابن عباس . " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " قال : خلق لهم سفنا أمثالها يركبون فيها . وقال أبو مالك : إنها السفن الصغار خلقها مثل السفن الكبار ، وروي عن ابن عباس والحسن . وقال الضحاك وغيره : هي السفن المتخذة بعد سفينة نوح . قال الماوردي : ويجيء على مقتضى تأويل علي رضي الله عنه في أن الذرية في الفلك المشحون هي النطف في بطون النساء قول خامس في قوله : " وخلقتا لهم مثله ما يركبون " أن يكون تأويله النساء خلقن لركوب الأزواج لكن لم أره محكيا .


[13221]:كذا في كل نسخ الأصل وفي إعراب القرآن للنحاس.
[13222]:الحدوج جمع حدج وهو مركب من مراكب النساء. والمالكية منسوبة إلى مالك بن سعد بن ضيعة والنواصف جمع ناصفة وهي الرحبة الواسعة تكون في الوادي. ودد موضع.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

{ وخلقنا لهم من مثله ما يركبون } إن أراد بالفلك سفينة نوح فيعني بقوله : { من مثله } سائر السفن التي يركبها سائر الناس ، وإن أراد بالفلك جنس السفن فيعني بقوله : { من مثله } الإبل وسائر المركوبات ، فتكون المماثلة على هذا في أنه مركوب لا غير ، والأول أظهر ، لقوله : { وإن نشأ نغرقهم } ، ولا يتصور هذا في المركوبات غير السفن .