قوله تعالى : " وآية لهم " يحتمل ثلاثة معان : أحدها عبرة لهم ؛ لأن في الآيات اعتبارا . الثاني نعمة عليهم ؛ لأن في الآيات إنعاما . الثالث إنذار لهم ؛ لأن في الآيات إنذارا . " أنا حملنا ذريتهم{[13218]} في الفلك المشحون " من أشكل ما في السورة ؛ لأنهم هم المحمولون . فقيل : المعنى وآية لأهل مكة أنا حملنا ذرية القرون الماضية " في الفلك المشحون " فالضميران مختلفان . ذكره المهدوي . وحكاه النحاس عن علي بن سليمان أنه سمعه يقول . وقيل : الضميران جميعا لأهل مكة على أن يكون ذرياتهم أولادهم وضعفاءهم ، فالفلك على القول الأول سفينة نوح . وعلى الثاني يكون اسما للجنس ، خبّر جل وعز بلطفه وامتنانه أنه خلق السفن يحمل فيها من يصعب عليه المشي والركوب من الذمة والضعفاء ، فيكون الضميران على هذا متفقين . وقيل : الذرية الآباء والأجداد ، حملهم الله تعالى في سفينة نوح عليه السلام ، فالآباء ذرية والأبناء ذرية ، بدليل هذه الآية ، قاله أبو عثمان . وسمي الآباء ذرية ؛ لأن منهم ذرأ الأبناء . وقول رابع : أن الذرية النطف حملها الله تعالى في بطون النساء تشبيها بالفلك المشحون . قاله علي بن أبى طالب رضي الله عنه . ذكره الماوردي . وقد مضى في " البقرة " {[13219]} اشتقاق الذرية والكلام فيها مستوفى . و " المشحون " المملوء الموقر ، و " الفلك " يكون واحدا وجمعا . وقد تقدم في " يونس " {[13220]} القول فيه .
{ وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون } معنى المشحون المملوء ، و{ الفلك } هنا يحتمل أن يريد به جنس السفن أو سفينة نوح عليه السلام ، وأما الذرية فقيل : إنه يعني الآباء الذين حملهم الله في سفينة نوح عليه السلام ، وسمى الآباء ذرية لأنها تناسلت منهم ، وأنكر ابن عطية ذلك ، وقال : إنه يعني النساء ، وهذا بعيد ، والأظهر أنه أراد بالفلك جنس السفن ، فيعني جنسي بني آدم ، وإنما خص ذريتهم بالذكر لأنه أبلغ في الامتنان عليهم ، ولأن فيه إشارة إلى حمل أعقابهم إلى يوم القيامة ، وإن أراد بالفلك سفينة نوح فيعني بالذرية من كان في السفينة ، وسماهم ذرية ، لأنهم ذرية آدم ونوح ، فالضمير في ذريتهم على هذا النوع بني آدم كأنه يقول الذرية منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.