الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

قوله تعالى : " لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم " " ما " لا موضع لها من الإعراب عند أكثر أهل التفسير ، منهم قتادة ؛ لأنها نفي والمعنى : لتنذر قوما ما أتى آباءهم قبلك نذير . وقيل : هي بمعنى الذي فالمعنى : لتنذرهم مثل ما أنذر آباؤهم ؛ قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة أيضا . وقيل : إن " ما " والفعل مصدر ؛ أي لتنذر قوما إنذار آبائهم . ثم يجوز أن تكون العرب قد بلغتهم بالتواتر أخبار الأنبياء . فالمعنى لم ينذروا برسول من أنفسهم . ويجوز أن يكون بلغهم الخبر ولكن غفلوا وأعرضوا ونسوا . ويجوز أن يكون هذا خطابا لقوم لم يبلغهم خبر نبي ، وقد قال الله : " وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير " [ سبأ : 44 ] وقال : " لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون " [ السجدة : 3 ] أي لم يأتهم نبي . وعلى قول من قال بلغهم خبر الأنبياء ، فالمعنى فهم معرضون الآن متغافلون عن ذلك ، ويقال للمعرض عن الشيء إنه غافل عنه . وقيل : " فهم غافلون " عن عقاب الله .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ فَهُمۡ غَٰفِلُونَ} (6)

{ لتنذر قوما } هم قريش ويحتمل أن يدخل معهم سائر العرب وسائر الأمم .

{ ما أنذر آباؤهم } ما نافية والمعنى لم يرسل إليهم ولا لآبائهم رسول ينذرهم ، وقيل : المعنى لتنذر قوما مثل ما أنذر آباؤهم ، فما على هذا موصولة بمعنى الذي أو مصدرية والأول أرجح لقوله :

{ فهم غافلون } : يعني أن غفلتهم بسبب عدم إنذارهم وتكون بمعنى قوله : { ما أتاهم من نذير من قبلك } [ القصص : 46 ] ولا يعارض هذا بعث الأنبياء المتقدمين فإن هؤلاء القوم لم يدركوهم ولا آباؤهم الأقربون .